تشكل الأزمات المالية وإرهاصاتها المتقلبة للأندية الرياضية السعودية المحترفة تحديدا.. همّا يقلق مضاجعها و يهدد مستقبلها ,على اعتبار أن الرياضة عامة وكرة القدم خاصة أصبحت (اليوم) تدار بمفهوم استثماري وليس مجرد هواية وترويح, فالقيمة المالية للاعبين المحترفين في هذه الحقبة أصبحت باهظة جدا وتحتاج إلى توفر السيولة المالية عبر قنوات استثمارية , ومصادر ربحية تساعد على إتمام الصفقات , ومعالجة الأزمات, وصرف المرتبات الشهرية للاعبين المحترفين بانتظام, فضلا عن ترجمة الخطط والبرامج, الإستراتيجية الرياضية على أرض الواقع بتوفر عصب النماء, ومحرك التنمية الرئيس (المال). * فالأزمات المالية واضطراباتها المصرفية في عالم الرياضة ليست قضية محلية.. وإنما هي ظاهرة عالمية تشتكي من إرهاصاتها وإفرازاتها معظم الأندية العالمية الشهيرة ..ففرق أوروبية شهيرة تعاني من محن وأزمات مالية وديون ثقيلة.. بداية من ريال مدريد وبرشلونة في أسبانيا, وهما بالمناسبة يمتلكان أكبر ملعبين في أوروبا مع ذلك لا يوازي الربح مديونيات, هذه الأندية العملاقة, والأمر ينسحب أيضا على فريقي ( انتر ناسيولي ) و(إي سي ميلان) في إيطاليا, والأخير مهدد بالإفلاس طبقا للأخبار الواردة من رابطة الفرق الإيطالية المحترفة›.. بينما اتجهت بعض الأندية الإنجليزية وأبرزها مانشستر يوناتيد» وتشيلسي» بعد خسارتهما 40% من قيمة أسهمهما في سوق بالبورصة, إلى بيع عقود بعض النجوم (عنوة), و أخذ القروض البنكية لدفع رواتب لاعبيها المحترفين, وتسديد الديون المتراكمة, إما رياح الأزمات المالية في مجتمعنا الرياضي الذي صافح عمره الاحترافي عقده الثاني, مازالت معظم الأندية السعودية المحترفة تعاني من إرهاصات هذه الأزمات المالية, ومن شح المداخيل المادية خاصة الأندية التي لم تجد لها راعياً يسهم بحمل بعض الأعباء المادية عن كاهلها فبقيت تدير أمورها بالبركة معتمدة على عطايا وهبات أعضاء الشرف يقدمون لها الدعم المادي حسب ظروفهم وأهوائهم وإمكانياتهم السيولية المتاحة ,و ربما أن البعض يرى أن خصخصة الأندية ستكفل في حل المشكلات المالية , وتوفر المداخيل المناسبة لها التي تتطلبها مسيرة الأندية الرياضية وتفي حاجاتها,.. نعم يمكن نجاح ذلك في حال اكتمال البني التحتية وتوفر الأرضية العلمية الصلبة للخصخصة, ولكن واقع الأندية السعودية ومؤشراتها الأولية تؤكد عدم جاهزيتها وملاءمتها بثوبها التنظيمي وجلبابها المالي الحالي ..لاستيعاب و تطبيق مشروع الخصخصة بشكل مرضي, والأخذ بها للوصول إلى شاطئ النجاح, لأن الوضع الحالي للأندية ( ماليا واستثماريا وفنيا ) غير مشجع للخصخصة , وغير مغري, وغير جاذب للشركات ورجال الأعمال والمال وتحفيزهم على الدخول في هذا المشروع الإستراتيجي ,لذلك لابد من إعادة هيكلة الأندية الرياضية, والسعي إلى تهيئتها للتخلص من ديونها أولا, ثم التحول إلى مؤسسات استثمارية, وإعداد دراسات جدوى متعمقة للمشروع وكيفية الشروع فيه, فإذاً الوضع عامة يحتاج إلى إعادة صياغته وتحسينه وصيانته, و يحتاج إلى مزيد من السنوات واكتساب الخبراتومزيد من التفاعل مع الرياضة العالمية, مع ضرورة الاستعانة ببعض الخبرات الأجنبية المتخصصة لإدارة شئون الأندية في المجالات المالية والفنية..حتى نوجد الأرضية الصلبة التي نشّيد عليها أسس ودعائم وقواعد هذا المشروع الإستراتيجي المتمثل في خصخصة الأندية الرياضية السعودية..لينطلق بلياقته الاستثمارية, ومهارته التمويلية, وعمقه الإستراتيجي..داخل دهاليز الأندية, وتحقيق الاستقلال الاقتصادي لها,ومواجهة عجزها المالي, وقد يكون من الحلول الناجعة, أيضا لمعالجة مثالب الأزمات المالية ,› فكرة الوقف كمورد من موارد الأندية الرياضية.. فالإسلام عندما شرع الوقف قدم لنا واحدا من أهم المشاريع الاقتصادية والتمويلية في التاريخ الإنساني, لذلك لو عددنا موارد الأندية الرياضية (ماليا ) نجد أنها تنحصر في الإعلانات والنقل الحصري والرعاية التجارية ومساعدات رعاية الشباب وتبرعات أعضاء الشرف, والشراكة. الاستثمارية...غير أن فكرة الوقف الإسلامي كمصدر تمويل آمن لمستقبل الأندية الرياضية السعودية خاصة الأندية الكبيرة.. من أنجع الحلول المستقبلية لمواجهة إرهاصات الأزمات المالية, فالوقف يعتبر من أهم المصادر الاستثمارية حيث اتجهت إلى ركنه معظم الجامعات والأندية الرياضية العالمية, فمثلاً جامعة هارفارد الأمريكية المخضرمة التي احتفلت قبل أسبوع بمرور 375 عاما على إنشائها يقدر حجم استثماراتها التي تمتلكها على شكل أوقاف وصلت في الموسم الفائت (2011م) إلى أكثر من 32 مليار دولار, أي ما يعادل تقريباً 120مليار ريال سعودي, ومحليا اتجهت جامعة الملك سعود إلى عالم المشاريع الاقتصادية والتمويلية الوقفية, فبنت أبراجا كأوقاف لها, وقريبا سيكون عائد أوقاف الجامعة المتوقع (أكثر من مليار دولار). وهي من أهم مصادر إيرادات الجامعة (الأم.).ومواردها المالية الرئيسة. وأمام الأزمات المالية التي تهب رياحها في كل عام على أنديتنا الرياضية..هل تأخذ بيد الوقف الإسلامي كمورد من الموارد التمويلية والمشاريع الاستثمارية, فمثلاً نادي كالهلال أو الاتحاد أو الاتفاق أو الوحدة ماذا لو بنت أبراجا وقفا لها أو مجمعات تجارية, ..!!؟ الأكيد سيشكل الوقف مصدراً آمناً لمستقبلها, ولن تعاني من أزمات مالية ومشاكل ديونية, لأن إيرادات الأبراج والمجمعات التجارية كافية لتغطية كل برامج وخطط ومشروعات ومصروفات الأندية الوقفية. والحال ينطبق ويقاس على ذلك بقية الأندية الرياضية.