بعد أن نجح المتشددون في إيران من إقصاء الإصلاحيين وتهميش تأثيرهم في مجلس الشورى، تفرغوا لحسم الأمر فيما بينهم، تيار المتشددين في إيران الذين يتولون زمام السلطة منقسم على نفسه منذ وصول أحمدي نجاد إلى سدة الرئاسة، فالمتشددون من الملالي خريجي الحوزات الدينية يسيرون خلف ولي الفقيه المرشد علي خامئني وهم في أكثرهم من المعممين، أما الذين يسيرون خلف أحمدي نجاد فهم خريجي الجامعات وإن تربوا في المحاضن الأصولية ومعسكرات الحرس الثوري وهم وإن التزموا بنظرية ولاية الفقيه إلا أنهم يرون أنهم أكثر تأهيلاً علمياً ولذلك فإنهم الأجدر بإدارة السلطة، وعلى المعممين التفرغ لإدارة الشأن الديني، هذا الفرز بين المتشددين وضح وبان أكثر بعد تفاقم المشاكل الاقتصادية والخلافات السياسية وهو ما ترجمه البرلمان التاسع في إيران. فخلافا لكل البرلمانات السابقة انقسم أبناء البيت الأصولي الواحد البرلمان التاسع في إيران والذي يستعد لتدشين عهده يوم الأحد المقبل وسط صراعات وخلافات بين الأصوليين، لم يتمكن المرشد خامنئي والقيادات الكبيرة والروحانيون من توحيدهم داخل خيمة واحدة؛ وحتى نتمكن وضع النقاط على الأحرف فإن البرلمان المقبل سيضم برلمانيين قريبين من المرشد علي خامنئي وآخرين تابعين للرئيس نجاد وتياراً ثالثاً مجهولاً نزل إلى الساحة تحت اسم المستقلين، لكنهم بكل تأكيد قريبون من الحرس الثوري. وتهيمن مخاوف حقيقية على القيادات السياسية في إيران إزاء الهوية الحقيقية للبرلمان التاسع، فهل سيكون البرلمان التاسع خامنئي الهوى أم نجادي؟ وحتى ندرك حجم الصراع ودرجته داخل البرلمان نرى ظهور تصريحات لنواب جدد في البرلمان يتهمون الرئيس علي لاريجاني بأنه التزم الصمت حيال سلوكيات قادة المعارضة الاحتجاجية في 12يونيو 2009 وأن انتخابه مجددا لا ضرورة له وطرح هؤلاء النواب اسم حداد عادل المقرب من خامنئي رئيسا للبرلمان الجديد؛ وبالطبع فإن الرئيس نجاد يفضل حداد عادل على الرئيس الحالي لاريجاني لكثرة الخلافات بينهما. وإلى جانب ذلك رحب عدد من النواب بتصريحات الرئيس نجاد حيال مشروع مراقبة النواب وإلغاء الحصانة الدبلوماسية عنهم ويقول المحلل الإيراني المقرب من هاشمي رفسنجاني (صادق زيبا كلام): إن الحق مع الرئيس نجاد لأن الدستور منح له الصلاحيات بالاعتراض على بعض المواد، وأشار زيبا إلى أن نجاد يحتضن شعبية واسعة عند الطبقات الضعيفة والفقيرة وإذا طرح نفسه للانتخابات فقد يحصل على أصوات كثيرة للفوز. تصريحات الرئيس نجاد في هذا الوقت لها مغزى كبير خاصة وأن الخبراء يؤكدون أن الرئيس نجاد حصل على 100 مقعد تمثله جبهة الاستقامة وأن الصراع الحالي هو ما بين جبهة الأصوليين الموحدة وجبهة الاستقامة وكل واحدة تؤمن بأجندة تختلف عن الأخرى كما أن الجبهتين يعملان لكسب التكتلات الأخرى وخاصة المستقلين الذين حصلوا على مقاعد تفوق ال80 مقعداً. إن البرلمان القادم في إيران سيكون برلمانا متفاوتا عن البرلمانات السابقة في تحركاته السياسية والاجتماعية لأنه سينتج الرئيس القادم لإيران بعد الرئيس نجاد وقد يخطو باتجاه تغيير منصب الرئاسة إلى رئاسة وزراء وإلى جانب ذلك فإن المناوشات بين الأصوليين ستكون أعلى وطأة من سابقاتها.