كتب الأستاذ عبد العزيز بن صالح العسكر في العدد 14422 بتاريخ 1-5-1433ه يوم السبت، مقالاً خفيفاً مفيداً بعنوان: (من أوراق معلم لذاكرة التاريخ) تطرّق فيه لبعض المواقف الطريفة التي حصلت له مع طلابه، وحين قرأته تذكّرت موقفاً حصل لي مع أحد طلابي قبل سنوات عدّة رغبت في نثره في صفحتي الغالية الأثيرة (العزيزة)، وهو أني دخلت ذات يوم على طلابي في إحدى حصص اللغة العربية، وبعد السلام افتتحت حديثي عن الشعر وشجونه، فبادرني أحد الطلاب الظرفاء واسمه إبراهيم وكان ممن لديهم شيء من المشاكسة وعدم مراعاة مشاعر الآخرين بحسن نية وليس تقصداً أمام زملائه، قائلاً: أنت يا أستاذ لست شاعراً وإنما تسرق من الكتب، فضحكت من مقولته وقلت: لا بأس، أمامنا الميدان فهل تقبل التحدي؟ إذاً تكتب قصيدة توجهها لي وأنا أكتب قصيدة موجهة لك فقبل عرضي، وأنا أعرف أنه لا يستطيع ذلك ولكني أردتُ أن أعطيه درساً في الأدب والحوار ليستفيد هو وزملاؤه، فجلست بين العشائين على مكتبي في المنزل وولدت هذه القصيدة الظريفة، ثم جئت في الصباح الباكر ودخلت الفصل وبادرت بطلب المنازلة وعرض بضاعتي لأستمع ما لدى هذا الطالب المشاكس فلم يحضر شيئاً وقلت: إذاً استمع لهذه الأبيات المهداة إليك وألقيتها على مسامع الجميع ومع كل بيت يعج الفصل بالضحك والطالب يتلوّن وجهه بألوان الطيف، وكان في حرج شديد حتى وصلتُ للأبيات الأخيرة التي طيّبت بها خاطره وكانت هذه القصيدة سبباً في تقوية رابطة الإخاء بيننا ويتواصل معي حتى الآن وكسبت بها قلبه وإليكم القصيدة: أيا (بريه) شعور خطه قلمي يأتي إليك وشعري عالي القممِ لألمس الحس في شريان قلبكمُ وأرفع الضغط كي تنأ عن الرخمِ فافتح لشعريَ صدراً صار منغلقاً واقبل حديثاً أتى بالهون والسلم أنت الغثيث ولفظ اللطف تهجره وذي الجلافة تهواكم من القدم أنت المشاكس في الأرجاء تزعجنا وتدَّعي غلباً في القول والشيم قد غرك الضحك في الطلاب تحسبهم قد أُعجبوا بفتى يهوى شِوا اللحم وكم تحديت ظناً منك تغلبني! رفقاً بنفسك إني ثابت العزم كيف المفاز وعينٌ صار يهزمها جيش النعاس وترجو المجد في الحُلُم هذي المعيشبة الغراء تطلبكم كي ترفعوا ذكرها في الكون بالهمم أضحت تنوح تنادي: آه يا أسفاً على (بريه) هوى في حفرة الندم إني لأحسب يا عشوب أن لكم سبقاً وأنك معروف مع الكرم لكن عرفت بأن البخل يصحبكم وظل يرقص في مغناك بالنغم حتى الفنيجيل لم نشربه أجمعنا في بيتكم سيد الإزعاج والخصم لا تدَّعي أدباً فالفصل يعرفكم بعشقكم لحديث الهمِّ والسأم وأحذر بأن تطلق الألفاظ لا أدباً واجعل حياءك يعلو قمة الهرم أخي (بريه) رعاك الله معذرةً إن جرّح الشعر قلباً خالي الوصم إني أردت بشعري أن أداعبكم كي أبعد الحزن والأكدار بالقلم لكنك الشهم بالأخلاق تسعدنا وثغركم يطرب الألباب بالبسم إن الظرافة فن أنت قائده لتدخل الأنس في عرب وفي عجم فاقبل شعوري رضاء ما به زعلٌ فإني أعشق الإسعاد بالكلم طلاب فصلك نعم القوم إن لهم خلقاً رفيعاً ولطفاً رائع القيم عبدالله بن سعد الغانم - تمير - سدير