لا أتجه نحو التنظير الإعلامي لعمق وتجذر العلاقات الأخوية الصادقة بين المملكة العربية السعودية ومصر العربية؛ فمنذ تأسيس بلادنا الغالية تجلَّت الأخوَّة العربية المخلصة مع الشقيقة مصر وشعبها الشقيق؛ فكانت علاقة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه وأسكنه جناته - مع الملك المصري الراحل فاروق بأعلى درجة من الصداقة والتعاون بين البلدين الشقيقين، واتجها بتعاونهما المثمر إلى تأسيس جامعة الدول العربية عام 1946، واختارا بتشاورهما ترشيحهما الدبلوماسي المصري عبدالرحمن عزام، واستمرت مسيرة التعاون المشترك مع العهد الجمهوري، الذي جاء مع حركة الضباط الأحرار وزيارة اللواء محمد نجيب، أول رئيس مصري إلى جدة، التي شكَّلت بداية لمرحلة جديدة من التعاون والثقة بين الشقيقتين مصر العربية والمملكة العربية السعودية. وطيلة العهد الجديد في مصر منذ 1952 حتى يومنا هذا اتسمت العلاقات بين القاهرةوالرياض بالتعاون المشترك المبني على الثقة والأخوَّة والمصالح القومية المشتركة؛ فكان القرار السياسي المصري والسعودي متطابقاً دائماً تجاه قضايا أمتنا العربية المصيرية سلماً أو حرباً، والنصر العربي التاريخي في حرب أكتوبر دليل حي لاختلاط الدم المصري بدم أشقائه العرب من أجل تحرير أرضنا العربية السليبة. وجاءت الأحداث الأخيرة غير المسؤولة، التي اختلط فيها مَنْ يريد الاطمئنان على حالة أبنائه وأهله المحكومين قضائياً في سجون المملكة، ومَنْ اندس بينهم؛ ليستغل حالتهم الإنسانية؛ ليتحرك بطرق عدائية نحو المملكة العربية السعودية وسفارتها، التي يصفها أبناء مصر الأشقاء بأنها تتعدى شكلها الدبلوماسي بل هي دوماً بيت المصريين المفتوح لاستقبالهم والترحيب بهم في كل المناسبات الاجتماعية، لكن ما صدر من الإعلام المصري تجاه قضية «المتهم» الجيزاوي، وتسليط الأضواء عليها بوصفها قضية رأي عام، خلطا كل الأوراق بهذه الملفات الإنسانية، وحوَّلاها بقصد أو من غير قصد لحالة من العداء بين الشقيقين المصري والسعودي، مع التمسك بادعاءات أهالي المحكومين دون العلم بحيثيات تلك القضايا التي عُرضت على القضاء السعودي، وحُكم فيها بالشريعة والعدل.. كعادة القضاء السعودي، الذي لا يميز حسب القومية والمواطنة بين أطراف القضايا المعروضة أمامه، ويشرفني أن أعطي مثالاً كريماً لهذا المبدأ، وهو المكافأة الملكية بالتساوي بين المواطن السعودي وضيف بلادنا التشادي بمليون ريال لكل منهما؛ لإنقاذهما طفلاً من خطر الحريق. وبعد أن تعذَّر قيام المنظومة الأمنية المحيطة بمبنى السفارة والقنصليات السعودية جاء القرار الحكيم بإغلاقها وقائياً لعدم تمكنها من القيام بمهامها الرسمية، وخشية تطور الأحداث بتحريك عملاء لإيران لتفرقة القرار السعودي المصري المشترك. وتبقى دائماً الرياضوالقاهرة عينَيْ الأمة العربية، سائلاً أن يزيدهما الله سبحانه بريقاً وقوة بالبصر والبصيرة لخير أمتنا العربية، وستعود وتستمر العلاقات المميزة الأصيلة أكثر قوة ومتانة بحكمة وإخلاص صقر العروبة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وحبه وتقديره لشعب مصر العربية الشقيق.