الوفاء سمة من سمات الرجال الحميدة، يتميز بها الرجال الطيبون، ذوو المعدن الأصيل، يدفع الرجال الأفاضل للوفاء لمن كان له سيرة حميدة. هذا ما وجدته وأعجبني في منظر بهيج، عندما كنت في مجلس العزاء في منزل الفقيد الغالي، فقيد المنطقة، سعادة محافظ المذنب الأستاذ الفاضل عبدالله بن صالح السعوي -غفر الله لهوتغمده بواسع رحمته- والذي انتقل إلى رحمة الله في الأسبوع الماضي إثر نوبة قلبية مفاجئة، والذي نزل خبر وفاته على أهالي المنطقة بصفة عامة كالصاعقة، وذلك لمكانته وجليل أخلاقة وسيرته العطرة لخدمة دينه ومليكه ووطنه بكل تفان وإخلاص، فعندما كنت في مجلس العزاء، وإذا بهذا العقد الثلاثي من زملائه المحافظين ومرافقيهم يفدون إلى مكان العزاء وهم الذين تعاقبوا على كرسي محافظة عنيزة، خلال العشرين سنة الأخيرة؛ أولهم سعادة المحافظ المتقاعد اللواء عبدالله بن يحيى السليم، وأوسطهم سعادة المحافظ المتقاعد المهندس مساعد بن يحيى السليم، وآخرهم سعادة محافظ عنيزه الأستاذ فهد بن حمد السليم، وقد قدموا لمكان العزاء مقدمين عزاءهم إلى أبناء الفقيد في زميلهم، معبرين عن حزنهم بنبرات تحمل الأسى والحزن ومتحدثين عن سيرة الفقيد العملية والاجتماعية، وعن حياته ومكانته في قلوب الجميع التي رسمها بعطائه ومواقفه الحميدة لخدمة مجتمعه ووطنه، مما كان له بالغ الأثر في نفوس أبنائه وذويه في مجلس العزاء، والذي ليس بمستغرب من أبناء هذه الأسرة العريقة التي توالت على إمارة عنيزة منذ عقود مضت، والذي عرف عنهم إخلاصهم وولاؤهم لوطنهم، وقد خاطبت نفسي بعد هذا المنظر الجميل لهذا الموقف الذي شدني، أن لذلك عدة مدلولات: منها أولاً طيب معدنهم وصفاؤهم وتقديرهم للرجال المخلصين؛ لأن ذلك من طباعهم، ثانياً تأكيد لقيمة الفقيد ومكانته في المجتمع القصيمي وعلاقاته الطيبة مع الجميع، ثالثاً امتداداً لوفائهم مع من أعطى وأبدع سواء من الأحياء أو الأموات، وذلك من خلال إقامة حفلات التكريم والوداع لمن خدم في هذه المحافظة من منطقتنا الغالية سواء من أهالي المنطقة أو خارجها، وقد ذكر لي ويذكرها دائماً الزميل العقيد أحمد بن صالح الرشودي الذي يكرر دائماً في كل مناسبة؛ لم ولن أنسى التكريم الذي حظيت به من قبل محافظ وأهالي عنيزة عند نقلي من المحافظة بعد أن عملت قرابة تسع سنوات مديراً للدفاع المدني بعنيزة، وقد تمنيت أن أمضيت ضعفها في خدمة المحافظة والمنطقة.- ... فليس الغريب قدوم زميل أو صديق أو قريب لمجلس العزاء فهذا من باب الواجب وما يمليه علينا ديننا الحنيف، ولكن الأجمل دخول كرسي محافظ محافظة عنيزة يحمل بين أضلاعه ثلاثي الوفاء لتقدير أهل الوفاء، والله من وراء القصد.. * الدفاع المدني - القصيم