اختُتم مؤخراً في منطقة الجوف اللقاء السادس عشر للإشراف التربوي في المملكة، الذي عُقد في الفترة من 23 25 - 5 - 1433 ه تحت شعار «الإشراف للتعلم»، وضم قيادات الإشراف التربوي في المملكة، تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز، أمير منطقة الجوف، وباستضافة ناجحة من لدن الإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة الجوف، التي هيأت كل الإمكانيات، وسخَّرت كل السبل منذ وقت مبكر لإنجاح هذا اللقاء الذي اتجه ببوصلة الإشراف التربوي في المملكة إلى حيث تتعانق غصون الزيتون الخضراء مع حصون التاريخ البيضاء، التي لم تمنعه من الحضور مبكراً إلى هذه المنطقة، التي ما انفكت تحتفي بكل ضيف جاءها على طائر ميمون، وما برحت لا تكتفي بكل زائر بل تحمِّله أمانة دعوة من خلفه من معارفه لزيارتها مستقبلاً. ومن قُدر له أن يعايش لحظات التحضير والإعداد المبكر من قِبل اللجان المنبثقة من اللجنة العليا برئاسة المدير العام للتربية والتعليم بالجوف الأستاذ مطر الزهراني يجزم يقيناً ويتيقن جزماً بأن جهوداً بهذا الحجم وتلك العزيمة لا يمكن لها أن تكون في ركن قصي من الظلام بل سيراها كل منصف، وسيرويها كل محايد، وستبقى في ذاكرة المنطقة وأهلها وزائريها أمداً بعيداً؛ فنجاح اللقاء نجاح لأهل المنطقة جميعاً، بينما إخفاقه سيكون خسارة على الأسرة التعليمية بمنطقة الجوف، وهذا ما كان يؤرق اللجان، ويجعل الجميع يعمل بكل تفانٍ. ولقد كان لي شرف الانضمام للجنة التقرير الختامي برئاسة أخي وزميلي الأستاذ حمدان بن عبد الهادي الشايع، رئيس قسم اللغة العربية بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة الجوف، وهو الرجل الذي عُرف عنه حبه للمنطقة وغيرته الشديدة على لغته العربية الأصيلة واهتمامه بكل ما من شأنه أن يرتقي بمستوى المعلم قبل تلميذه، وقد كان اختياره لي مجاملة للعبد الفقير إلى الله وحُسن ظن منه بشخصي، وأرجو أن أكون قد وُفّقت فيما أُسند إلي مع بقية أعضاء اللجنة الكرام. ولقد أدركت من خلال اللقاء وأوراق العمل أن تميز المشرف التربوي ينعكس حتماً على مستوى المعلم؛ وبالتالي التلميذ الذي هو محور العملية التعليمية. ومما لا شك فيه أن الإشراف التربوي يُعتبر نقطة مهمة في مضمار التربية والتعليم؛ فدور المشرف التربوي الحقيقي هو أن يكون متعاوناً مع المعلم ومعاوناً له في الوقت ذاته لا متسلطاً ولا مهيمناً بعد أن أسندت إليه وزارةلتربية والتعليم مهمة الإشراف التربوي بغية الرقي والنهوض بالعملية التعليمية. وأرى أنه من الضرورة بمكان، ولكي ينجح الإشراف التربوي، ويتوجب على وزارتنا الموقرة أن تدرس وباستفاضة ما يأتي: 1 - تهيئة مديري المدارس إشرافياً؛ ليكونوا فاعلين في عملية الإشراف التربوي؛ كونهم ملازمين للمعلم والتلميذ في آن واحد، ويُعتبرون همزة وصل لا قطع بين المشرف التربوي والمعلم، وكلنا يدرك أن المشرفين التربويين لن يكونوا قادرين على متابعة المدارس الواقعة تحت نطاقهم لكثرتها ولكثرة ارتباطاتهم بأعمال إدارية كُلّفوا بها، وليست من صميم أعمالهم، ولضيق الوقت لديهم. 2 - أرجو أن تتبنى الوزارة خطة مكثفة للارتقاء بعملية الإشراف التربوي من خلال تفريغ المشرفين التربويين لما أوكل إليهم من مهام إشرافية، وقصر أدوارهم على متابعة وتحسين العملية التعليمية داخل محيط المدرسة، وإسناد بقية الأعمال الإدارية لغيرهم من الإداريين. 3 - زيادة أعداد المشرفين التربويين في كل إدارة تعليمية بترشيح المعلمين المتميزين من قِبل الإشراف التربوي بالإدارة التعليمية بشروط وضوابط دقيقة، وحصول من يتم ترشيحه على دورات إشرافية مكثفة. 4 - تفعيل دور المعلم المشرف بحيث يتم اختيار مجموعة من المعلمين في كل إدارة تربوية باسم «المعلم المشرف»؛ ليكون مسانداً للمشرف التربوي، على أن تسند له مهمة متابعة زملائه العاملين في الميدان بتخصصه نفسه، وتخصيص عدد معين من المدارس لكل معلم مشرف لمتابعتها ومنحه نصاباً مخفضاً؛ ففي ذلك إذكاء لروح المنافسة بين المعلمين للارتقاء بالعملية التعليمية في مدارسنا. 5 - تفعيل الحوافز المادية للمشرفين التربويين والمعلم المشرف بوصفها مكافأة لهم، وأرى ألا تقل مكافأة المشرف التربوي عن 50 %، بينما تتم مكافأة المعلم المشرف بما لا يقل عن 30 %؛ إذ ليس من المنطق أن يكون راتب المعلم معادلاً لراتب المشرف التربوي أو المعلم المشرف عند تساوي سنوات الخدمة والدرجة والمؤهل مع اختلاف ساعات وطبيعة العمل؛ ليتم استقطاب الكفاءات للإشراف التربوي، ولكي لا يكون هناك عزوف عنه لعدم وجود الحوافز، وليكن لنا في مدارس التربية الخاصة والفكرية ومراكز محو الأمية ومكافآتها أسوة حسنة؛ فالحوافز مغرية، ولا يمكن أن يكون هناك عزوفٌ عن تلك المدارس. 6 - تفعيل اللقاءات الدورية بين معلمي التخصص الواحد مع المعلم المشرف، وبرئاسة رئيس قسم التخصص، بلقاء واحد شهرياً على الأقل؛ للالتقاء بين الزملاء، وتدارس الأساليب التربوية المستجدة، ومناقشة أفضل السبل الكفيلة بالقضاء على الأساليب التقليدية في التعليم، مع التركيز على الدروس النموذجية بين المعلمين لما فيها من تبادل الخبرات والأساليب بين المعلمين. هذا إذا ما أردنا تحقيق الشعار الذي اتخذناه في اللقاء السادس عشر للإشراف التربوي في منطقة الجوف «الإشراف للتعلم». وختاماً أتقدم بصادق التهنئة لسعادة مدير التربية والتعليم بمنطقة الجوف الأستاذ مطر الزهراني ومساعديه، ولا يفوتني التهنئة لأخي العزيز الأستاذ يوسف بن عبد العزيز المظهور مدير الإشراف التربوي بمنطقة الجوف، الذي كان جندياً مساهماً في إنجاح هذا اللقاء، لكنه لم يكن جندياً مجهولاً بل كان - وما زال وسيظل - معروفاً بتفانيه وصدقه وإخلاصه. كما أهنئ اللجان العاملة كافة على جهودهم المميزة، التي ساهمت في إنجاح هذا اللقاء تنظيمياً، وهو أمر جعل الأيام الثلاثة من عمر اللقاء خالدة في الذاكرة ومخلدة في الذكريات، وما زلنا ننتظر نتائج هذا اللقاء على أحرّ من الجمر. والله يتولى الصالحين. *سكاكا - الجوف