سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المبالغة في زخرفة المساجد وتزيينها يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي أكد أن عمارة المسجد تكون بإقامة ذكر الله وشعائره فيه.. د. علي الشبل أستاذ العقيدة بجامعة الإمام ل الجزيرة:
نبه متخصص في العقيدة من خطورة زخرفة المساجد، والمبالغة في عمارتها وزينتها مما يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي، ويشغل عموم المصلين عن الصلاة والقيام بأركانها وواجباتها على الوجه الذي شرعه الله في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وفي مقدمتها الخشوع عند أداء الصلاة، مشيراً إلى أن التباهي في بناء المساجد والعناية بزخرفتها وتزيينها بالكتابات ونحوها هو من التشبه بغير المسلمين. جاء ذلك في مستهل حديث لفضيلة الدكتور علي بن عبد العزيز الشبل أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بالرياض عن زخرفة المساجد وتزويقها في الإسلام، وقال: حثّ القرآن والسنّة وقام الإجماع على وجوب عمارة المساجد لله وحده لا شريك له تحقيقاً لتوحيده والإيمان به. قال تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ}. {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ}. فنفى سبحانه عمارة أهل الشرك والضلال لمساجده وحصرها على أولئك الذين آمنوا به وباليوم الآخر.. وعمارة المسجد تكون أولاً ببنائه ثم بعمارته بإقامة ذكر الله وشعائره فيه قال صلى الله عليه وسلم: (من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة). والبناء يشمل الأمرين بناء حقيقي ومعنوي. وأضاف إن زخرفة المساجد وتزويقها وتزيينها بما لا حاجة منه، بل والتكاليف الباهظة في هذا مع التباهي والتفاخر ببنائها من أهل الدنيا الذين لم يرجوا ما عند الله والدار الآخرة، وبعضهم جهلاً يظن أن هذا من الأمر بالزينة عند المساجد كما في سورة الأعراف {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ} وهذا فهم لا يصح من الآية ولم يُعرف عن السلف من الصحابة والتابعين أعلم الناس بالقرآن ومعانيه ودلالات ألفاظه، فإن الأمر بالزينة المراد به ستر العورات عند المساجد لأن طائفة من المشركين كانوا يطوفون بالبيت عرياناً كما روي عن غير واحد من أئمة السلف، وكذا المراد الطهارة بالوضوء الشرعي، ولا يفهم أن الزينة هي إظهار الزخرفة والنحت والتزويق في مساجد الله كما هو حال أكثر مساجد المسلمين اليوم لورود النهي عن ذلك صريحاً في السنّة وفي أقوال كبار الصحابة أئمة الهدى. وقال الدكتور علي الشبل: إن التباهي في بناء المساجد والعناية بزخرفتها وتزيينها بالكتابات والرسوم هو من التشبه بأهل الكتاب من النصارى لحديث عائشة عن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من التصاوير قال: (إن أولئك إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله) متفق عليه. قال ابن تيمية: فهؤلاء جمعوا بين فتنتين: فتنة القبور وفتنة التماثيل، ولما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه - وفي رواية أنه كان يفرج على وجهه خميصة فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه وقال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت ولولا ذلك لأبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً. وهؤلاء النصارى إما مساجدهم فيها يدفنون قبور صالحيهم أو يجعلون قبورهم معابد لهم على سبيل التعظيم والغلو فيهم. وجاء في أبي داود وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أمرت بتشييد المساجد). قال ابن عباس لتزخرفنّها كما زخرف اليهود والنصارى. والتشييد بناؤه بالجص وزخرفته وتطور له، وجاء في البخاري معلقاً، أن عمر بن الخطاب أمر ببناء المسجد وقال: (أكنّ الناس من المطر وقال: إياك أن تحمر أو تصفر - أي الطلاء الملون لما فيه من الزخرفة المنهي عنها والمشغلة عن العبادة - فتفتن الناس وقال أنس: يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلاً، وقال ابن عباس: لتزخرفن كما زخرفت اليهود والنصارى. قال البغوي في معنى كلام ابن عباس: إن اليهود والنصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حرّفوا وبدّلوا أمر دينهم، وأنتم تصيرون إلى مثل حالهم وسيصير أمركم إلى المراءات بالمساجد والمباهاة بتشييدها وتزيينها، وقال أبي الدرداء: إذا مليتم مصاحفكم، وزوقتكم مساجدكم فالدمار عليكم، والنهي عن زخرفة المساجد والمبالغة فيها لأجل الفتنة بها عن المقصود من عمارتها وهو عبادة الله بهذه الصلاة والذكر... روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في خميصة ذات أعلام، فنظر إلى علمها فلما قضى صلاته قال: اذهبوا بهذه الخميصة على أبي جهم ابن حذيفة، وائتوني بإنبجانية فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي. والإنبجانية كساء من صوف ليس له علم، فالمراد أن الثوب لما أشغل الرسول صلى الله عليه وسلم عن صلاته لما فيه من الأعلام أبعده عنه فما بالك بهذه المساجد التي تكون فيها كأنك بمتحف للخطوط والزخرفة والرسوم. واسترسل فضيلته يقول: إن الخطب أشد والفتنة أكبر، وذكر شيخ الإسلام في الاقتضاء عن سعيد بن منصور بسنده إلى إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب قال: دخلت مع ابن عمر مسجداً بالجحفة فنظر على شرفات فخرج إلى موضع فصلى فيه، ثم قال لصاحب المسجد: إني رأيت في مسجدك هذا - يعني الشرفات - شبهتها بأنصاب الجاهلية فمرَّ أن تكسر. وانتهى أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين بالرياض إلى القول: إن زخرفة المساجد وتزويقها من التباهي بها والتفاخر وهذا معدود من أشراط الساعة، كما في حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أشراط الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد). رواه النسائي وغيره، وفي رواية لأحمد عنه لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد، فهو على سبيل التحذير والتنبيه من عدم زخرفة المساجد والمباهاة بها لكن نرى المباهاة بالمساجد واضحاً في هذه الأزمان.