السلطات الليبية قررت إقامة سجن سري جديد خارج العاصمة طرابلس لاستقبال سجين وحيد هو سيف الإسلام القذافي. فمن المقرر نقل سيف الإسلام الذي كان بمثابة الوريث المنتظر للديكتاتور الليبي الراحل معمر القذافي من سجن في مدينة الزانتان الجبلية إلى هذا السجن الجديد خلال الأسابيع المقبلة لمواجهة محاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وهي المحاكمة التي تضع السلطات الليبية في مواجهة المحكمة الجنائية الدولية التي تطلب محاكمة سيف الإسلام. وقد قرر المجلس الانتقالي الحاكم في ليبيا إقامة سجن داخل سجن الأحداث وهو أكبر سجون طرابلس لاستضافة هذا السجين. وقد حصلت صحيفة الأوبزرفر على فرصة زيارة حصرية لهذا السجن الذي يقام وسط مستودعات في منطقة ريفية بضاحية تاجوراء. يتم الدخول إلى هذا السجن عبر بوابة فخمة يحرسها مسلحون على متن سيارات دفع رباعي مزودة بمدافع مضادة للطائرات. وبعد قطع مسافة تصل إلى ربع ميل تحفها الأشجار من الجانبين تصل إلى المباني التي كانت نزلاً لآلاف النساء والأحداث الذين كان يسجنهم نظام القذافي. وبعد ذلك ووراء حائط رمادي بارتفاع 50 قدما يوجد المجمع الذي سينزل به سيف الإسلام وهو مكان سري لا يحمل أي اسم. هذا السجن الموجود داخل السجن أقيم خصيصاً من أجل سيف الإسلام؛ حيث تم تزويده بملعبين واحد لكرة القدم والثاني لكرة السلة وتمت تغطية كل ملعب من الاثنين بشبكات من الحديد الصلب القوي لمنع أي محاولة لتهريبه باستخدام المروحيات. زنزانة سيف الإسلام لايزال يتم تجهيزها ولها باب رمادي بسيط مزود بقفل واحد. وقد تم تصميم السجن بحيث لا يحتاج السجين الوحيد المنتظر إلى الخروج منه أبدا؛ حيث يضم ممرات وأبواب مغلقة تسمح له بالتحرك بين زنزانته والملاعب الموجودة في السجن. والحقيقة أن السجن يبدو أقرب إلى فيلا فارهة منه إلى سجن حقيقي. كما تشمل تجهيزات السجن مسجداً خاصاً ومطبخا يعمل على مدار الساعة وجهاز تلفزيون يستقبل كل القنوات الفضائية، وهو الأمر الذي أثار ردود فعل واضحة من جانب حراس السجن. يقول أحد الحراس الذي كان يرتدي سترة سوداء ويحمل رشاش كلاشينكوف "لو أن أوباما أو ساركوزي أو كاميرون جاءوا إلى هنا لشعروا بالسعادة الغامرة بسبب كم الرفاهية المتوفرة". وأضاف "هذا ليس سجنا وإنما منتجع". وقال حارس آخر "لا يوجد أي شيء يمكن أن يحتاج إليه سيف الإسلام وغير موجود هنا. هذا السجن أقرب إلى القلعة.. قلعة ملك". والحقيقة أن الحراسة الأمنية المشددة حول السجن تكشف عن حجم قلق حكام ليبيا الجدد من النفوذ الذي مازالت تتمتع به عائلة القذافي بعد مرور أكثر من نصف عام على سقوطها. يذكر أن سيف الإسلام البالغ من العمر 36 عاما كان أحد الأسماء التي تتردد باستمرار كمرشح لخلافة والده وكان يظهر في صورة الشخص الإصلاحي المعتدل في البلاد. وقد أثار جدلاً واسعاً في بريطانيا عندما تبرع بمبلغ 1?5 مليون جنيه إسترليني لمدرسة لندن للاقتصاد بعد حصوله على درجة الدكتوراه منها. ولكن عندما اشتعلت الثورة الشعبية ضد حكم القذافي مطلع العام الماضي لعب سيف الإسلام دورا رئيسياً في أعمال القمع ضد الثوار ثم فر من العاصمة طرابلس عندما سقطت في قبضة الثوار في أغسطس الماضي. وفي نوفمبر الماضي تم القبض عليه في أثناء محاولته الفرار من البلاد إلى إحدى الدول الإفريقية المجاورة. ومنذ ذلك الوقت وهو مسجون في فيلا بمدينة الزانتان الجبلية. وتحاول الحكومة الليبية إقناع مسلحي الزانتان بتسليم سيف الإسلام لها لتتم محاكمته أمام محكمة ليبية. وأعلن الرئيس الليبي المؤقت مصطفى عبد الجليل الشهر الماضي أن محاكمة سيف الإسلام ستبدأ بمجرد الانتهاء من بناء السجن الخاص به ونقله إليه. وأضاف "إن شاء الله سيحظى سيف الإسلام القذافي بمحاكمة عادلة". وتصر السلطات الليبية على أن المحاكمة ستكون عادلة وأبلغت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي أن "الدولة الليبية قادرة على محاكمته وقفا للقانون الليبي". ربما يستطيع سيف الإسلام الذي يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة أن يرد على تقارير وسائل الإعلام الفرنسية الأسبوع الماضي التي أشارت إلى أن القذافي منح الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي 50 مليون يورو عام 2007 لمساعدته في انتخابات الرئاسة الفرنسية في ذلك الوقت. (الأوبزرفر) البريطانية