انتقدت رئيسة «معهد دراسة الحرب» الأمريكي كميبرلي كاجان، سياسة إدارة الرئيس باراك أوباما حيال العراق، مؤكدة في شهادة لها الأربعاء الماضي أمام لجنة فرعية للعلاقات الخارجية في الكونغرس، أن «العراق اليوم أكثر عنفا وأقل ديمقراطية». وقالت كاجان: إن إدارة أوباما ترى دائما أن «العراق يمضي في الاتجاه الجيد في محاولة منها للتصدي للانتقادات، وأنها تقارن الأوضاع الحالية في البلاد بما كانت عليه في ذروة أعمال العنف الطائفي العام 2007 التي دفعت بالرئيس بوش لزيادة عدد القوات»، مشيرة في هذا الصدد إلى ما يقوله توني بلينكين، مستشار الأمن القومي نائب الرئيس الأمريكي بايدن (زار بغداد قبل يومين والتقى المالكي)، فهو يورد مقارنة تشير إلى أن الحوادث الأمنية الأسبوعية انخفض من 1600 في العامين 2007 و2008 إلى 100 اليوم». وأشارت إلى أن «بلينكين ومسؤولين آخرين يشيرون إلى استمرار العمل السياسي في بغداد كدليل على أن الوضع آخذ في الاستقرار. وهم يرفضون فكرة أن العراق يتجه نحو مواجهة التمرد الذي استعاد نشاطه، الإرهاب، والحرب الأهلية. هذه هي النقاط التي يتحدثون بشأنها، أما الواقع فهو مختلف». وتلفت رئيسة «معهد دراسة الحرب» إلى أن «النقاش حول الحوادث الأمنية هو في الواقع، تضليل، لا أحد يقول إن العراق اليوم هو بالسوء الذي كانت عليه في أوج العنف، إلا أن الدكتور مايكل نايتس، الزميل في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، لاحظ في الآونة الأخيرة أنه وفقا لقاعدة بيانات الحوادث التي يصدرها المعهد وتدخل فيها تقارير قوات الأمن العراقية وأخرى من مصادر عدة، إن العنف في شهر شباط (فبراير) الماضي كان تقريبا ضعف ما كان عليه في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011. كما أن بيانات شهر كانون الثاني (يناير) 2012 تظهر أنه الشهر الأكثر عنفا منذ آب (أغسطس) 2010، ومرة أخرى، يقارب ضعفي مؤشرات العنف في (تشرين الثاني) نوفمبر 2011». وتخلص كاجان إلى القول إن «مقارنة العنف في العراق اليوم مع العنف في 2007 يجعلنا نخطأ الهدف. فالحقيقة هي أن العنف قد تزايد منذ أن أعلنت إدارة أوباما أنها سوف تنسحب تماما من العراق، وهذه الاتجاهات للتصعيد في العنف تزداد سوءا». وبشأن المؤشرات الرقمية عن العنف قالت «إنه من الطبيعي أن ينخفض المعدل كما تعتمد ذلك إدارة أوباما، فحين كانت الأرقام عالية كانت هناك قواتنا بالكامل وتنفذ عمليات واسعة» منتقدة الاعتماد على «الأرقام التي تقدمها السلطات العراقية عن عمليات عنف بين العراقيين»، موضحة «أننا في حاجة إلى مقياس دقيق من أجل أن نرى إن كانت هناك دلائل تنذر بوقوع حرب أهلية» وفي هذا الشأن تورد «وفقا للدكتور نايتس، فإن العنف يتزايد بشكل كبير في المناطق التي كانت بؤرا تقليدية للتوتر الطائفي، ومناطق ينشط فيها تنظيم القاعدة والمتمردون البعثيون. فمحافظة ديالى غير مستقرة على نحو متزايد، مع زيادة في العنف بين المناطق السنية والشيعية. كذلك القواعد التاريخية لتنظيم القاعدة في الفلوجة والتاجي، وأبو غريب وهي تبدو وقد أعادت تفعيل نشاطها. كذلك هناك منطقة أخرى تقليدية ينشط فيها تنظيم «القاعدة» وهي الصويرة شمال محافظة واسط، وقد تم إعادة تنشيطها واستخدامها كبؤرة للإرهاب. في معاقل الشيعة في الجنوب. مثلما تستخدم ما تعرف منطقة «مثلث الموت»، بما في ذلك محورها العملياتي في منطقة جرف الصخر، التي يعاود فيها الإرهاب الظهور كبؤرة صراع ومنطقة انطلاق للهجمات ضد بغداد». ورأت الباحثة الأمريكية أن «هذا النشاط يوحي بما كنا نتوقع أن يحدث بعد الانسحاب الكامل للقوات الأمريكية. فتنظيم القاعدة في العراق ودولة العراق الإسلامية، والتي كانت تضررت بشدة بسبب عمليات القوات العراقية وقوات التحالف خلال فترة زيادة عدد القوات، تعمل على إعادة تشكيل هذه الملاذات الآمنة التقليدية. ونرى طائفة واسعة من أعمال العنف بما في ذلك الهجمات ضد «المتعاونين» وعناصر الصحوة «أبناء العراق»، كما أن الهجمات ضد الحكومة العراقية والمسؤولين الأمنيين، الصراع داخل حركة مقتدى الصدر ( الصراع بين جيش المهدي والحركات المنشقة عنه)، والصراع على طول خط التماس بين العرب والأكراد وخصوصا في المناطق المتنازع عليها، وبعد ثلاثة أشهر من الانسحاب الأمريكي، فإنه من السابق لأوانه إعلان أن الحرب الأهلية لن تحصل في العراق مجددا، لا سيما في ضوء هذه المؤشرات التي ترجح وقوع ذلك».