في الأول من آذار - مارس الماضي، افتتح في بيروت الملتقى الاقتصادي السعودي - اللبناني في دورته السابعة، بمشاركة أكثر من خمسمائة شخصية اقتصادية وسياسية، تقدمها رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووزير التجارة والصناعة السعودي توفيق الربيعة، إضافة إلى شخصيات اقتصادية وسياسية أخرى. «الجزيرة» توقفت عند الحدث لتسأل سفير خادم الحرمين الشريفين في بيروت علي عسيري عن رأيه في نتائج المؤتمر أولاً، ثم عن تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الرياضوبيروت، وما هي آفاق الاستثمار السعودي في لبنان في ظل الظروف الحالية التي تعيشها منطقتنا العربية، وما هي فرص الاستثمار اللبناني في المملكة؟.. وفي ما يلي نص الحديث: سعادة السفير، كيف تقيّمون نتائج مؤتمر رجال الأعمال السعوديين واللبنانيين الذي عُقد في لبنان مؤخراً وجدواه الاستثمارية؟ - كانت هناك بالطبع جدوى كبيرة من عقد مؤتمر رجال الأعمال السعوديين واللبنانيين لأنه شكّل فرصة للتباحث في المشاريع القائمة وتلك التي لا تزال قيد الدرس، إضافة إلى أنه كان مجالاً للقاء والتعاون وتعزيز التواصل وتطوير علاقات موجودة بين رجال أعمال من كلا البلدين والتأسيس لعلاقات جديدة، هناك فائدة اقتصادية يجدر التنبه لها بمجرد انعقاد المؤتمر إذ إنه يُساهم في تحريك الدورة الاقتصادية اللبنانية الداخلية عبر قطاع السياحة والفنادق وما إلى ذلك، أضف إلى ذلك المدلول السياسي الذي يحمله إذ إن المؤتمر يُعتبر إحدى ثمرات العلاقات المتينة بين المملكة ولبنان، وتعبيراً عن الإصرار الموجود لدى قيادتي البلدين على تطويرها، وإن ترؤس وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة لوفد سعودي يضم حوالي مئة رجل أعمال ومستثمر من مختلف المدن والقطاعات الاقتصادية في المملكة، لا شك أنه أعطى دفعاً وإشارة سياسية إلى أهمية هذا المؤتمر. ما هو الدور الذي تقوم به السفارة والملحقية التجارية في جذب الاستثمارات اللبنانية إلى المملكة؟ - بالطبع السفارة تتحرك على هذا الصعيد في أكثر من اتجاه، فقد أمّنت عبر الملحقية التجارية معلومات متكاملة للجهات الاقتصادية اللبنانية من وزارة الاقتصاد وغرف تجارة وصناعة وتجمُّعات رجال أعمال، معلومات عن قوانين ومجالات الاستثمار في المملكة، كما أننا نزود وسائل الإعلام اللبنانية بشكل دوري بمعلومات وملفات تشرح للرأي العام وللمهتمين بشكل خاص ما يستجد حول هذا الأمر، كما أنني من موقعي كسفير للمملكة في لبنان، أشجع في كل محاضرة أشارك فيها أو كلمة ألقيها في مناسبة ما، على الاستثمار اللبناني في المملكة عبر التحدث عن القدرات الاقتصادية للأسواق السعودية وتقدم الصناعة والتطور الحاصل في مختلف المجالات، والتأكيد على الموقع الخاص للأشقاء اللبنانيين في قلوب المواطنين السعوديين، والحمد لله فإن هذه الخطوات بدأت تعطي ثمارها، وكثير من رجال الأعمال في لبنان بدؤوا يتعاطون باهتمام كبير مع هذا الأمر. برأيكم ألا يحتاج جذب الاستثمارات اللبنانية والأجنبية للمملكة، إلى أفكار جديدة؟ - أعتقد أنه من المفيد جداً أن يكون هناك تنسيق بين وزارة التجارة والصناعة السعودية وبين هيئة الاستثمار، بهدف إجراء دورات مكثفة للملحقين التجاريين الموفدين إلى كافة دول العالم لتأهيلهم وتعريفهم بالأنظمة والتعليمات الخاصة بالاستثمار، وبالفرص المتاحة في المملكة للمستثمر الأجنبي في مختلف القطاعات، وما تقدمه الدولة له من مساعدات وتسهيلات لضمان استثماره، ومطلوب أيضاً، ضرورة إلمام الملحقين التجاريين بالفرص الاستثمارية المتاحة في مختلف القطاعات، فما يجذب المستثمر الآسيوي مثلاً، قد يكون مغايراً لما يجذب المستثمر الغربي، وأعتقد أن من المفيد التفكير بإيفاد موظفين من هيئة الاستثمار إلى كافة الملحقيات التجارية، يكونون مُلمين بلغة البلدان التي تتواجد فيها السفارات وواقع الأعمال والاستثمارات فيها، إضافة إلى معرفتهم الكاملة بأنظمة الاستثمار في المملكة. وهكذا يمكن لهؤلاء الموظفين أن يؤدوا دوراً فاعلاً عبر التواصل مع الغرف التجارية والصناعية وتجمعات رجال الأعمال في البلد المضيف وربطهم بهيئة الاستثمار بالمملكة، كذلك لا بد من الإشارة إلى أن الإعلام يبقى دائماً عاملاً مهماً لتعريف الرأي العام الأجنبي بموضوع الاستثمار الأجنبي في المملكة وشروطه وظروفه، ومن الممكن أن يتم هذا الأمر عبر التواصل بين هيئة الاستثمار ووسائل الإعلام كما عبر السفارات السعودية المنتشرة عبر العالم. هل هناك اتفاقيات معيّنة تسهل وتدعم الاستثمار السعودي في لبنان؟ - في الحقيقة ليس هناك اتفاقيات خاصة لهذا الأمر، والاتفاق التجاري الموقَّع بين المملكة ولبنان يعود إلى العام 1971 وينص على حرية الاستيراد والتصدير بين البلدين.. إلا أن تسهيل الاستثمار السعودي في لبنان يتم ضمن المناخ الأخوي القائم في علاقات البلدين، فلا توجد قيود إدارية أو قانونية تعرقل هذا الأمر، بل إن للمستثمر السعودي معاملة خاصة في القطاعين العام والخاص في لبنان. كم يبلغ حجم الاستثمارات السعودية في لبنان، وما هو القطاع الأكثر جذباً للاستثمارات السعودية؟ - تفوق الاستثمارات السعودية في لبنان 6 مليارات دولار، تشكّل نحو 40 % من إجمالي الاستثمارات العربية في لبنان، وهي موزعة على القطاع العقاري والمصرفي والسياحي والتجاري، ولا أرى مانعاً من الإشارة هنا إلى أن عدد السياح السعوديين إلى لبنان بلغ في العام 2011 ما مجموعه 111.701 سائح، أي ما نسبته 19 % من السياح العرب و 6.7 % من إجمالي السياح إلى لبنان. ما هي أبرز الصادرات السعودية إلى لبنان؟ بلغ حجم الصادرات السعودية إلى لبنان عام 2011 حوالي 531 مليون دولار وهي في غالبيتها مشتقات نفطية وورق وكرتون وزيوت نباتية وحيوانية وألبان وألمنيوم وخضار. بحكم عملكم كسفير للمملكة في لبنان، هل يتم إبلاغكم عن معوقات تواجه المستثمرين السعوديين في هذا البلد؟ - أستطيع التأكيد على أن لا معوقات رئيسية تواجه المستثمرين السعوديين في لبنان، وأن القناعة موجودة لدى الطرفين بتعزيز العلاقات الاقتصادية، إلا أن العامل السياسي يؤثر سلباً في بعض الأحيان، لأن المستثمر يشترط وجود استقرار سياسي وأمني في أي بلد ليضمن ربحية واستمرارية استثماره، وهذه أمور هامة، ومن باب الأخوة أقول: إن من الضروري أن تنتبه لها القوى السياسية في لبنان لأن اضطراب المناخ السياسي ينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي، فيما يفتح الهدوء والاستقرار الطريق إلى مزيد من النمو والازدهار. ما هو مدى تأثُّر المناخ الاستثماري في لبنان بالتطورات الحاصلة في المنطقة العربية؟ - قد تكون الأوضاع الحالية قد أثّرت بشكل أو بآخر على مجمل المناخ الاستثماري في المنطقة، ولبنان منها بالطبع، إلا أن لهذا البلد الطيب مقومات استثمارية عدة، أبرزها موقعه الجغرافي ونشاط قطاع الخدمات فيه، وتميُّز أبنائه بتعدد الخبرات المهنية وتنوع الثقافات وعامل اللغة، وهي برأيي عناصر أساسية كافية ليبقى هذا البلد مستعداً للانطلاق والتقدم بشكل دائم، كما أود الإشارة في هذا المجال إلى أن لبنان يصلح لأن يكون منطقة إعادة تصدير للمنتجات السعودية إلى مختلف بلدان العام لأن الإخوة اللبنانيون يتمتعون بخبرة واسعة في مجال التسويق، الذي إذا أُضيف إلى عامل اللغة والتواصل مع مختلف أقطار العالم، وفر فرصة هامة تبدأ باستيراد المنتجات السعودية إلى لبنان ، وتصديرها منه إلى الشرق والغرب، وما يزيد الأمر أهمية أن المنتجات السعودية أصبحت تنافس المنتجات العالمية جودة ونوعية، وبالاستطاعة تقديمها بأسعار تنافسية تعود بالنفع على الطرفين السعودي واللبناني.