لن يسقط النظام العلوي في سوريا بالسكتة القلبية، ولا بحادث سيارة، بل سيقضي نحبه نتيجة التضليل، وأيضاً نتيجة ذلك الوهم المتوحش الذي كان - وما زال - على مستوى هائل من البلاهة. ولعلّ مَنْ يرغب في تصديق «ألوهية» بشار الأسد البلهاء، ومن قبله والده حافظ، فليُسارع إلى قراءة كيف تُقدِّم مواقع علوية عديدة نَسَبَ بشار الأسد، فتقول بالحرف: «هو الرئيس الدكتور بشار الأسد ابن القائد الخالد حافظ الأسد، ابن علي بن سليمان الأسد، ابن أحمد بن إبراهيم، تسيّد جبال الكليبة في حينه»، ثم يُعاد النَسَبُ إلى «شيخ التنوخيين الأمير الشيخ علي بالعامود، ابن شمس الدنيا والدين، صاحب الرايات الأمير المُرسل، الذي استشهد في جمرزل، واسمه القاسم الكلبي الكناني المدرسي الصوفي الأمير التنوخي ابن صاحب السرايا والسجايا»، ثم إلى «قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرّة بن يزيد بن مالك ابن الملك حمير بن سبأ، مؤسس الدولة السبئية...»، ومن ثم يُعيد هذا الموقع العلوي الإلكتروني أصول النَسَب إلى الخليفة الراشد علي بن أبي طالب - كرّم الله وجهه - الذي يزعم العلويون أن الله - سبحانه وتعالى عما يُشركون - قد تجسّد فيه..!! الأسئلة التي تبدأ صغيرة، كما لو أنها وخز الإبر، لا تلبث أن تكبر، وها هي تظهر على شكل وحوش تنقضّ على كل إنسان، غير علوي، في سوريا. في كتابه «الصراع على السلطة في سوريا: الطائفية والإقليمية والعشائرية في السياسة 1961 1995»، يستعرض الهولندي (نيقولوس فان دام)، الذي عمل سفيراً لبلاده في مصر، كيف كان للأقليات الثلاث: العلوية والدرزية والإسماعيلية، دور بارز في الصراعات داخل المؤسسة العسكرية في سوريا إبان الستينيات، وكيف حُسم هذا الصراع تدريجياً لمصلحة الاحتكار العلوي للسلطة، ثم لمصلحة الاستئثار الأسدي حتى اليوم. يُشير (فان دام) إلى أن التمييز ضد الضباط السنة في الجيش السوري كان تمييزاً واعياً، ومنهجياً، وبالأخص في مرحلة الثنائي العلوي: صلاح جديد وحافظ الأسد، أي ابتداء من سنة 1966، ومن ثم في مرحلة استئثار حافظ الأسد بالحكم نهائياً. وفي تحليل (فان دام) فإن المذهبية العلوية التي فشلت هي تلك التي فضحت نفسها، بشكل علني، وهذه حال الضابط العلوي محمد عمران. يقول (فان دام) إنه رغم «أن الضابط العلوي صلاح جديد وحافظ الأسد، شأنهما شأن ابن مذهبهما محمد عمران، قد اعتمدا، بصورة واسعة على أنصارهما الشخصيين من العسكريين العلويين للاحتفاظ بمراكز سلطتهما، واستفادا من الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية لتقوية مراكزهما، إلا أنهما تمتعا بقدر من الحكمة، بحيث لم يُعلنا ذلك صراحة، مثلما فعل محمد عمران». أعلن الضابط العلوي محمد عمران صراحة أن «الفاطمية يجب أن تأخذ دورها»، داعياً إلى تكتل مذهبي بين العلويين والدروز الإسماعيليين داخل الجيش السوري، يهدف للتنكيل الواسع ضد أهل السنة. لكن حافظ الأسد كان يُخطط للتنكيل بأوسع آماده، بغية بث روح التفوق لدى العصبية العلوية التي كان يؤسس لنظامها، ولكن بأساليب باطنية، مع رمي أخصامه، في الوقت نفسه، بأنهم رجعيون وطائفيون ومذهبيون