أولمبياد الوزارات.. كان عنوان مقال كتبته منذ أربع سنوات تقريباً وتم نشره في العاشر من شهر رمضان عام 1429ه أشرت فيه إلى عدم عدالة معايير تقييمنا لأداء أجهزتنا الحكومية، وأكرره اليوم بمناسبة خروج منتخبنا من تصفيات كأس العالم وما تناولته وسائل الإعلام عن أسبابه، مؤكداً أن جهاز رعاية الشباب لا يختلف كثيراً عن بقية أجهزتنا الحكومية التي تتفشى فيها المجاملات والوساطات والتجاوزات والاستثناءات والتفرد بالقرارات والمحسوبية في توزيع المناصب والمسؤوليات إلا إن هناك تفاوتاً في معايير تقييمنا لأدائها، حيث يمكن للمواطن تقييم بعض الوزارات من خلال ما تقدمه من خدمات مباشرة بينما يتم تقييم رعاية الشباب من خلال نتائج منتخبنا الأول لكرة القدم ونعتبر فوزه دليلا على نجاح عملها وخططها وانضباطيتها وتميز وتفوق وعبقرية مسؤوليها وهزيمته دليل على فشلها الذريع. ولكي يكون التقييم عادلا ومنصفا فقد تخيلت إقامة أولمبياد للجهات الحكومية شاركت فيه وزاراتنا العتيدة وكانت نتائجه المتوقعة كما يلي: * في بطولة وزارات العمل حاولنا بندواتنا وتصريحاتنا ووعودنا وقراراتنا الصورية وبعشرة ملايين وافد ومتسلل ومليوني مواطن عاطل منافسة دول تفرش الورود لمواطنيها وتهيئ لهم المناخ المناسب للعمل في القطاع الخاص وتضمن لهم حقوقهم وحصلنا على المركز الأخير. * وفي بطولة وزارات الصناعة حاولنا بمصانع الشابورة وأكياس البلاستيك منافسة مصانع الطائرات والسيارات والأسلحة وحصلنا على المركز الأخير. * وفي بطولة الاستثمار الأجنبي حاولنا بمستثمري فول وحمص ومدن اقتصادية وهمية منافسة دول استقطبت مصانع وتقنيات ورؤوس أموال ضخمة وحصلنا على المركز الأخير. * وفي بطولة وزارات الصحة حاولنا بمراكزنا ومستشفياتنا منافسة المستشفيات العالمية وأنظمة التأمين التي تحافظ على الصحة والكرامة وحصلنا على مركز متوسط. * وفي بطولة وزارات التعليم حاولنا بمدارس مستأجرة وندوات التطوير ومؤتمراته ودوراته وتنظيراته منافسة المباني المدرسية الجميلة المنتشرة في غالبية دول العالم بأنظمتها التعليمية ومناهجها المتطورة وانضباطية أجهزتها الإدارية وحصلنا على مركز متأخر. * وفي بطولة وزارات البلديات حاولنا بمدن دون أرصفة أو حدائق أو مرافق عامة وبطرقات مرصوصة بمحلات صغيرة عشوائية منافسة مدن العالم المتحضر بطرقها المنظمة وأحيائها السكنية الجميلة وحصلنا على مركز متوسط. * وفي بطولة النقل العام حاولنا بباصات خط البلدة وقطارنا السلحفاتي الوحيد منافسة القطارات السريعة وشبكات المترو والباصات الفخمة وحصلنا على المركز الأخير. * وفي بطولة وزارات الرياضة حضر وفدنا الضخم قبل البطولة بعدة أشهر وسط زفة إعلامية كبيرة وشاركنا بملاعب متهالكة وأنظمة احتراف ولوائح انضباطية غامضة يتم تطبيقها بانتقائية ولجان وفرق تطوير وخبراء ومستشارين ومتقاعدين ووعود تصحيح مكررة وحصلنا على مركز متأخر. * وفي بطولة وزارات التجارة شاركنا بنظام مكافحة الغش التجاري المتساهل ومراقبينا المسالمين وتم استبعادنا بعد أن تبين أن وفدنا يرتدي ملابس مقلدة. * وفي بطولة النقل الجوي شاركنا بوفد من الخطوط السعودية تأخر في الوصول إلى المسابقة وحصل على المركز الأخير. * وفي بطولة المرور لم يسمح لفريقنا بالمشاركة لأنهم لم يصدقوا أن لدينا جهاز مرور. * وفي بطولة الأجهزة الرقابية نام وفدنا ولم يشارك فيها. * وفي بطولة الوعود والتصريحات والاحتفالات والندوات والمؤتمرات والدورات الخارجية والانتدابات شاركنا بوفد من كافة الجهات الحكومية وحصلنا على المركز الأول وحصدنا جميع الميداليات.