خسارة المنتخب السعودي لكرة القدم أمام أستراليا بدون محترفيها بأوروبا بأربعة مقابل اثنين فتحت الباب على مصراعيه لكل من أراد أن يسنّ قلمه وسياط نقده على كل شيء، فهاجم بعض الكتّاب والصحافيين المنتخب على طريقة (عليهم عليهم).. ولكي أكون منصفًا ومنطقيًا وبعيدًا تمامًا عن العاطفة فإنني أسوق لكم تجربة حضوري معسكر المنتخب في أستراليا على شكل فقرات سريعة تلخص من خلالها: هل كان معسكرًا للترفيه أم للعمل الجاد أم بين هذا وذاك وسأقدم لكم رأيي في آخر السطور.. حضور مبكر حضر المنتخب السعودي لملبورن على متن طيران الإمارات في وقت مبكر وقبل المباراة بحوالي أسبوعين، وتم توفير سبل الراحة للاعبين، حيث تم حجز مقاعد درجة أفق للاعبين بحيث يتسنى لهم الاستلقاء تمامًا على مقعد الطائرة في الرحلة المرهقة التي تأخذ حوالي 13 ساعة من دبي إلى ملبورن. فندق في مكان مناسب! اتخذ المنتخب من فندق (لينقهام) مقرًا له على نهر (يارا) في وسط ملبورن وفي منطقة راقية وهادئة في نفس الوقت.. المميز في الفندق أنه قريب جدًا من كافة الملاعب التي أدى عليها المنتخب تدريباته، فأبعد ملعب أدى المنتخب عليه التدريب كان يبعد حوالي عشر دقائق بالسيارة، بالإضافة إلى أن ملعب المباراة يبعد فقط خمس دقائق بالسيارة عن الفندق. مباريات ودية! واجه المنتخب مأزق عدم قبول المنتخبات القوية والأوروبية خوض أي مباراة ودية مع المنتخب السعودي وكان اعتراضهم على مكان المباراة، حيث رفضوا الحضور لأستراليا البعيدة جدًا.. ولم يجد المسئولون فرصة للعب سوى مع منتخب نيوزيلندا وقد أجرى المنتخب مباراتين حاول من خلالهما رايكارد أن يبقي اللاعب السعودي في أجواء ورتم المباريات من أجل حضور قوي أمام منتخب أستراليا. اهتمام في كافة التفاصيل! اهتم محمد المسحل مدير إدارة شؤون المنتخبات ومعه خالد المعجل مدير المنتخب الأول في كافة التفاصيل، حيث لا يستطيع أي شخص الوصول للطابق الذي يسكن فيه لاعبو المنتخب وتم التعاقد مع شركة أمنية لهذا الغرض.. كما تولت نفس الشركة الأمنية مسئولية تنظيم عملية خروج اللاعبين من وإلى الفندق ولاسيما أن إعدادًا كبيرةً من الجماهير السعودية تحضر رغبة في الحصول على الصور التذكارية مع اللاعبين، وكذلك بحثًا عن الحديث مع نجومها المفضلين. جماهير سعودية كبيرة..! حضر وساند المنتخب في التدريبات والمباريات الودية والمباراة الرسمية عددٌ كبيرٌ جدًا من الجماهير السعودية التي قدّرت بالآلاف ووصل عددهم لأكثر من ثلاثة آلاف مشجع ساندوا المنتخب في كافة أوضاعه، وهم من الطلبة السعوديين المبتعثين للدراسة في الخارج. رايكارد.. هل استوعب البعض؟ كان تعليق أحد الزملاء الإعلاميين.. هل استوعب اللاعب السعودي دروس رايكارد؟ وكان هذا السؤال على طريقة التعامل الراقية التي يتعامل بها رايكارد مع الجميع، سواء كان أمامه إعلامي أم لاعب أم مشجع.. وتساءل البعض إن كان هذا رايكارد اللاعب العالمي الذي وصل للعب بأندية عظيمة بأوروبا ودرّب منتخب هولندا وفريق برشلونة وحظي بمساحات كبيرة من الإعجاب ويتعاطى بهذا التواضع، فلماذا يظهر بعض اللاعبين السعوديين بطريقة أو منظر سيئ أمام معجبيهم عندما يقابلونهم بتعالٍ!! المسحل.. المعجل.. النويصر.. ثلاثي جميل! محمد المسحل وخالد المعجل وخالد النويصر ثلاثي يستحقون التحية والتقدير.. فهم أناس واقعيون فالأول يتجاوب مع الجميع بشكل مميز ولا يرفض الأسئلة مهما كانت محرجة والثاني يحافظ على النظام في الفريق، أما الثالث فقد سهل مهام الإعلاميين بصفته المنسق الإعلامي للمنتخب. كيف تم ترتيب المعسكر! قبل حضور المنتخب بفترة طويلة حضر إلى ملبورن عددٌ من المسئولين عن المنتخب أذكر منهم مساعد رايكارد الكابتن عبداللطيف الحسيني والإداري محمد الحميد واختاروا الفندق والملاعب وكافة المتطلبات وحرص الحسيني على أن يكون في الفندق نادٍ صحي كبير يستوعب عدد لاعبي المنتخب، بالإضافة إلى حديقة واسعة بجانب الفندق في حال طلب المدرب أن يكون التدريب خفيفًا في الحديقة ولهتم الوفد الذي حضر قبل المعسكر بفترة كافية في كافة التفاصيل فنجحوا في إقامة معسكر متكامل. كيف كانت الأجواء؟ كانت أجواء المنتخب مشبعة بالتفاؤل والثقة وكان اللاعبون والإداريون في أفضل أوضاعهم النفسية ومن خلال حضوري في مناسبات مختلفة مع المنتخب لم ألحظ المنتخب منذ فترة طويلة في وضع نفسي مميز مثل ما كان عليه قبل مباراة أستراليا وكان الجميع يقابلك بابتسامة وتفاؤل وتعاون وسؤال.. ولكن!! نحن خسرنا التأهل قبل أستراليا؟ كان عنوان (الجزيرة) بليغًا عندما قال العنوان: (منتخب لم يفز إلا على تايلند لا يستحق البرازيل) وهنا مكمن الخلل، حيث إن الاهتمام كان في النهاية ولو كانت أجواء المنتخب والاهتمام به في المباريات السابقة كحال الأخضر في مباراة أستراليا لربما وصل الأخضر للدور الثاني من التصفيات ولكنها (لزمة) الكرة السعودية التي باتت تلاحقها مؤخرًا وهي محاولات الوقت الضائع وهذه المحاولات علميًا فاشلة ولكن نظريًا ربما تحقق النجاح أحيانًا..! هل فقد اللاعبون شجاعتهم فعلاً! مجملاً أرى أن معسكر المنتخب في أستراليا كان عمليًا جدًا وناجحًا ولكن على طريقة نجحت العملية ومات المريض، لأن ما حصل هي محاولات الوقت الضائع ولو تحدثنا عن المباراة.. فربما تكون مباراة أستراليا من أغرب المباريات التي تابعناها في الفترة الأخيرة، حيث إن الأخضر كان قريبًا إلى الفوز وحتى الدقيقة 70 وهو يتقدم بفارق هدف وفي ظرف ثلاث دقائق قبل المنتخب ثلاثة أهداف.. وكان حديث رايكارد بعد المباراة بليغًا، حيث قال: إن المنتخب بعد أن تم تسجيل التعادل في مرماه فقد اللاعبون شجاعتهم..!