أظن جازماً أن قرائي الكرام يعرفون تماماً صديقي الأزلي (ابن ظلهاب) ويعرفون تماماً تنقلاته معي من جريدة إلى جريدة، ويعرفون أيضاً أنه كثيراً ما يتكلم بالنيابة عني وغالباً ما يشتمني و(يشطّ) عن الموضوع ليباشر القراء بالشتيمة والجمل المقذعة، ويعرف القراء أن ابن (ظلهاب)، (طويل اللسان، قصير الإحسان)، ولكنهم يحبون (حذلقته) أكثر مني، وابن ظلهاب تخاصمت معه منذ (الربيع العربي) فهو يظن -وبعض الظن أثم- أن هذه الثورات ستجلب للناس الحرية، بل تقودها من خطامها (وتبركها) أمامهم ليركبوها كما شاؤوا وكنت أختلف معه في ذلك في أن هذه الثورات هي مجرد (ثورات) استفاد منها من لم يقم بها مثلك يا ابن ظلهاب.. قال لي بصوت مرتفع وهل تعتبرني يا (أستاز) أنني مجرد رعاع؟!.. قلت له بصوت أرفع من صوته، بل أنت (راع) فقط.. ثم أغلقت الحديث على أذنه وولى الأدبار، وقلت: (قلعتك يا أيها الوبش ابن ظلهاب). *** حينما غاب عني لست آسفاً على (فرقاه) رنّ هاتفي النقال، وكان الصوت القادم واهناً وبعيداً ولكنه يحمل لي (هوسة) عراقية أصيلة فهمت منها ما يلي: ها ها.. أبو متعب خضّع روس (الروس) إتعلا بالاسلام تعلا. قلت فرحاً ها أبو جويد ألا زلت حياً؟! قال (بلى) وسأبقى حياً حتى أدفن ابن ظلهاب، ثم أردف مكملاً: عيني عليه خادم الحرمين كيف خاطب الروس بهذه القوة.. أصيل والله أصيل. *** هدأ (أبو جويد) من انفعالاته العتيدة ولا سيما أنه لا يتكلم إلا ب(الهوسة) ولا سيما أيضاً أنه كان فتى في ثورة العشرين في العراق ضمن عريان (غيلان أزيرج) في الشعيبة ضد الإنجليز وقد عرفته في الثمانينات الميلادية إبان معرفتي ل(ابن ظلهاب) فقد كان (أبا لين) أي من رعاه الإبل.. وكان مجرد صديقين لدودين كل منهم يعتقد أنه أفضل من الثاني في (تطبيع) الإبل وأن (صميل) الآخر أفضل من (صميل) الآخر. *** في آخر المكالمة قلت لأبي (جويّد) ماذا تحتاج الآن يا صديقنا الفظ؟.. قال: إنني الآني بخير وقد جاوزت أبلي المئتين ولا أحتاج إلا إلى فحل من إبل ابن ظلهاب أيضاً.. وقل له يشحنه لي عن طريق الأردن ومن ثم (عوينه أمه.. لأبو أبوه) أي ابن ظلهاب وأيضاً(!!) وانقطع الخط!!