لقد منحنا الاكتتاب العام الأولي المرتقب على «فيس بوك» مادةً دسمةً لأحاديثنا، حيث من المرجّح أن يكون الأضخم في التاريخ (رائع)، وأن يُسند إلى أحد نماذج الأعمال القائمة (جيد)، فيما لا تزال مسيرة نموه المستقبلية غير أكيدة (غير جيد). هذا ومن المحتمل أن يسهم هذا الاكتتاب في جعل مؤسس الموقع البالغ من العمر 27 عاماً ثرياً إلى حدٍّ يفوق التصور (هنيئاً له)، لكنّ أبرز ما في المسألة قد يقتصر على تركيبة التحكّم الجديدة خاصته. فبفضل امتلاكه لنسبة 57% من حقوق التصويت، سيستمرّ الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ في التحكم إلى حد كبير ب»فيس بوك» بعد طرحه للاكتتاب العام. وهذا التحكم سيظل قائماً حتى بعد وفاة هذا الأخير، إذ يمكن أن ينتقل إلى خليفةٍ مختار. وهذا الأمر من شأنه أن يثير توتّر بعض الناس حيال الاستثمار في الموقع. ولكن، هل يُفترض بالأمور أن تكون على هذا النحو؟ بحسب وجهة النظر السائدة للحوكمة المؤسساتية، على التحكّم أن يكون في أيدي أولئك الذين يملكون حقّ المطالبة بأكبر تدفقات للعائدات. فبهذه الطريقة، يكون لهم الدافع الأكبر لإبقاء هذه التدفقات مربحة قدر المستطاع. لكن، هذه النظرية تنطوي على سيئة ومفادها أنه يستحسن بمؤسسين شباب على غرار زوكربيرغ أن يكونوا قادرين على التحكم بشركتهم المدرجة حديثاً. ولما كان من الصعب الحكم على هذه المسألة، كان لا بد لمستثمري القطاع الخاص أن يحتفظوا غالباً بحقّ استبعاد مؤسس إحدى الشركات في حال ساءت الأمور. ومن هذا المنطلق، يقول زوكربيرغ إنه سيترتب عليكم، إقناعه، وليس إقناع المساهمين الآخرين، بأنه لا يرتقي إلى مستوى هذا العمل. وهذا هو السبب جزئياً وراء اضطراب الناس وتوترهم، حيث يعرب البعض منهم عن قلقه من ألا يكمن الهدف الرئيسي لزوكربيرغ في تعزيز حصة المساهمين إلى أقصى حدود. والحقيقة أنّ زوكربيرغ أطلعنا في رسالته الأخيرة التي وجهها للمستثمرين أن هدفه يتخطّى كسب المال إلى جعل العالم مكاناً أفضل. بيد أنّ السعي خلف أهدافٍ أكثر شموليةً لا يضع بالضرورة حداً لاتساع حجم عائدات المساهمين إلى أقصى الحدود. وفي قرارة نفسهم، يخشى المستثمرون فعلياً واقع عدم اختبار زوكربيرغ للفشل من قبل، علماً أنّ العديد من المقاولين العظماء قد مُني بالفشل قبل تحقيق النجاح؛ فذلك شرط أساسي وجزء منه يساعدهم على القيام بالأمور بالطريقة المناسبة، وجزء آخر أكثر شمولية يكمن في ضرورة اختبار المقاولين للفشل في وقتٍ مبكرٍ من مسيرتهم، أي قبل أن يكون الكثير من أعمالهم على المحك. وفي الختام، يذكر أنّ زوكربيرغ قد نجح في تحقيق كل هدف وضعه نصب عينيه، وإحباط كل تحدٍّ. ومن النادر أن يتمتّع الناس بمثل هذا الحظ. وليس على المستثمرين في «فيس بوك» سوى أن يتأملوا في استمرار حظ زوكربيرغ. * (جوشوا غانس هو رئيس «سكول تشاير للابتكار والمقاولة» (Skoll Chair in Innovation and Entrepreneurship) في «كلية روتمان للأعمال» التابعة لجامعة تورونتو (University of Toronto's Rotman School of Management).)