خرج مئات الآلاف من المحتجين في أنحاء سوريا أمس في جمعة «عذرا حماة، سامحينا» و»حماة لن نخذلك بعد اليوم» إحياء للذكرى الثلاثين لمجازر حماة عام 1982 التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين، في ظل استمرار حملة القمع التي تقوم بها قوات النظام وفي وقت تسعى الأممالمتحدة إلى التوصل إلى مشروع قرار جديد حول سوريا. وقتل 29 متظاهراً أمس في أنحاء سوريا برصاص قوات الأمن السوري خلال مشاركتهم في احتجاجات تطالب برحيل الرئيس بشار الأسد. وقال ناشطون سوريون إن مئات الآلاف من السوريين خرجوا في عدة مدن وقرى سورية من بينها دمشق وحلب وحمص وحماة ودرعا, مطالبين بإعدام الرئيس بشار الأسد. وشهدت عدة مناطق اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري الحر والقوات الموالية للأسد. وقتل ثلاثة من عناصر الأمن بينهم ضابط وجرح خمسة آخرين أثناء الاشتباك الجيش الحر في في بلدة الجيزة بريف درعا, حسبما ذكرت السلطات السورية. ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر مسؤول بالمحافظة قوله إن الاشتباك أسفر عن مقتل عدد من أفراد المجموعات «المسلحة» جرح عدد آخر وإلقاء القبض على 18 مطلوبا. وقالت إن ضابطين وعنصرا من قوات حفظ النظام أصيبوا بانفجار عبوة ناسفة زرعتها مجموعة في إدلب، كما أصيب اثنان من عمال النسيج بنيران مجموعة بحمص. ولم تتوقف التظاهرات والتعبئة الشعبية في عدد كبير من المناطق السورية، رغم حملة القمع المستمرة التي أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من سبعة آلاف شخص على الأقل منذ منتصف مارس والتي لم يصدر بعد حولها أي قرار عن مجلس الأمن نتيجة الانقسام الدولي. فقد عارضت روسيا العضو الدائم في مجلس الأمن والداعمة للنظام السوري حتى الآن كل مشاريع القرارات التي أعدتها دول غربية وعربية، رافضة فرض عقوبات على دمشق ودعوة الأسد إلى التنحي عن السلطة. وبدأ أعضاء مجلس الأمن الدولي خلال الساعات الماضية بدراسة صيغة جديدة لمشروع قرار يدين القمع الدموي في سوريا تم تعديله في محاولة لتجاوز المعارضة الروسية، فخلا من أي دعوة واضحة إلى تنحي الرئيس السوري ولم يأت على ذكر حظر على الأسلحة أو عقوبات. وبحسب النص فإن مجلس الأمن «يدعم بشكل تام (...) قرار الجامعة العربية الصادر في 22 يناير 2012 والقاضي بتسهيل عملية انتقال سياسي يقودها السوريون بأنفسهم وتؤدي إلى نظام سياسي ديموقراطي وتعددي». لكن النص لا يشير إلى نقل سلطات الرئيس السوري إلى نائبه كما يطلب قرار الجامعة. وقد يطرح مشروع القرار الجديد على التصويت في مجلس الأمن خلال الأيام المقبلة. وقال دبلوماسي غربي إن روسيا أبلغت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار مثير للجدل يساند خطة للجامعة العربية لإنهاء العنف في سوري إذا قدم إلى اقتراع في المجلس. وقال الدبلوماسي الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أن السفير الروسي فيتالي تشوركين كان يتحدث في جلسة مغلقة عقدها المجلس وقال بعض الدبلوماسيين إنها كانت على مقربة من اتفاق على المشروع. والجزء الأكثر إثارة للخلاف في نص المشروع هو عبارة تقول إن مجلس الأمن «يؤيد بشكل كامل» الخطة العربية التي تدعو بين أشياء أخرى إلى تنحي الرئيس السوري بشار الأسد. وتقول موسكو إن ذلك يرقى لأن يكون «تغييرا للنظام». من جهتها, ذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان الجمعة أن أطفالا بالكاد يبلغون من العمر 13 عاما تعرضوا للتعذيب على أيدي الجيش وقوات الأمن في سوريا خلال حملة القمع المستمرة التي يقوم بها النظام ضد المطالبين بسقوطه. وقالت المنظمة غير الحكومية إن «الجيش وضباط الأمن لم يترددوا العام الماضي في توقيف أطفال وتعذيبهم»، موضحة أنها «أحصت 12 حالة على الأقل اعتقل فيها أطفال في ظروف غير إنسانية وعذبوا أو قتلوا بالرصاص في بيوتهم أو في الشوارع». واتهمت المنظمة الحكومة السورية بأنها «حولت مدارس إلى مراكز اعتقال وقواعد عسكرية ونشرت قناصة على هذه المباني التي أوقف فيها أطفال». وقالت مديرة حقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش لويس ويتمن، بحسب التقرير، إن «القمع لم يوفر الأطفال». وأضافت أن «أطفالا بالكاد يبلغون 13 عاما أفادوا هيومن رايتس ووتش أن ضباطا احتجزوهم في غرف إفراديا وضربوهم بعنف واستخدموا الصدمات الكهربائية في تعذيبهم وأحرقوهم بالسجائر وعلقوهم بسلاسل معدنية لساعات في بعض الأحيان على ارتفاع بضعة سنتمترات عن الأرض».