سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رياضة المنطقة الغربية نهضت على أكتاف «الفتيحي» ورفاقه..! المؤرخ القدادي يواصل حديثه التاريخي المدعم بصور ووثائق نادرة عن مؤسس الاتحاد والأهلي حمزة فتيحي (2-2)
في صفحات تاريخنا الرياضي.. رواد أفذاذ ورجالات أوفياء ورموز كبار وأسماء لامعة خدمت الحركة الرياضية بالمملكة بكل إخلاص وعطاء وتفان, وساهمت -تلك النماذج البطولية - في إرساء دعائم البناء وقواعد التكوين الرياضي لكثير من الأندية المحلية, حتى أصبحت معظم هذه الأندية جزاء من التنمية الرياضية الشاملة بإنجازاتها الذهبية ومنجزاتها الوطنية الخالدة, ولعل مؤسس الاتحاد الراحل الشيخ (حمزة فتيحي) أحد الرموز الوطنية الكبيرة التي قدمت تضحيات جسيمة وعطاءات جليلة ودعم كبير خدمة لشباب ورياضة الوطن على مدى حقبة تزيد عن نصف قرن من الزمن, ومن أكبر منجزاته الخالدة تأسيسه نادي الاتحاد المخضرم في الأربعينات الهجرية من القرن الماضي «أول ناد سعودي تأسس في المملكة العربية السعودية». واليوم وعبر الجزء الثاني والأخير, يواصل المؤرخ الرياضي الكبير الأستاذ (محمد القدادي) حديثه التاريخي المدعم بصور نادرة عن رمز الحركة الرياضية بالمنطقة الغربية الراحل حمزة فتيحي: يقول المؤرخ الرياضي (القدادي) وعبر الجزء الأخير: كان حمزة فتيحي يختار مجموعة من الشباب ويقنعهم ليؤسسوا لهم فريقاً يستطيع اللاعبون أن يمارسوا الكرة مع أقرانهم ممن هم في المستوى العمري. كانت نظرته الشاملة -غير الأنانية- تسمح له أن يعرف أن هؤلاء اللاعبين فرصتهم ضعيفة في اللعب في فريق مثل الاتحاد بجميع فئاته, فكان الحل المبكر الذي يراه أن يؤسس لهم فريقاً جديداً لعله يستطيع أن يكبر وينمو في آن واحد. فريق يبرز ليجد لنفسه فرصة كان يرى منذ عام 1350ه أن هذه الفرق الصغيرة هي المفرخة التي تستطيع أن توفر للفرق الكبيرة اللاعبين الجدد الموهوبين على اعتبار هي المنجم الذي يصنع الموهبة. لم يكن الرمز يؤسس الفرق كرسالة منه تجاه مجتمعه فقط, بل كان يرى عند ظهور أي خلاف بين ناديه الاتحاد وبين أحد اللاعبين الذين يتوسم منهم البروز يسارع إلى أن يؤسس فريقاً فيتركه يواصل طريقه فيه بعد أن يضع دعائم التأسيس للفريق في ذلك الوقت, ويواصل إشرافه بالمشورة والرأي وتزويدهم باللاعبين الجدد, وعلى سبيل المثال ذلك ما حدث بالأهلي حينما اختلف حسن شمس مع فريقه (الاتحاد) عام 1355ه, فما كان من حمزة إلا أن أسس فريقاً جديداً أسماه (الأهلي)!. في عام 1368ه عندما اختلف حمزة فتحي مع عبد العزيز الجميل الذي كان يكبره في السن بسبب إشراك جميل اللاعبين الأجانب وصرفه عليهم وإبعاده للاعب السعودي سعياً إلى أمور تخالف المبادئ التي قام عليها وأقامها -الفتيحي- في نشر الرياضة بين الشباب السعودي الناهض وفي ذلك الوقت, وغضب وانفصل بجزء من فريق الاتحاد العربي ليؤسس الاتحاد الوطني الذي اعتبره الاتحاد الأساس والأصلي. لذا لم يكن ينسحب إلى الخلف بل كان انسحابه دائما إيجابياً.. وإلى الأمام, فقد نجح في سعودة اللاعبين بفريق كلهم مواطنين لأول مرة وذلك في عام 1368ه, حيث كانت الفرق تعج باللاعبين الأجانب فكان الفتيحي الرقم الصعب في معادلة التفوق في الحركة التأسيسية ومساهمته في نشر الرياضة والأندية ودعم اللاعبين الوطنيين. بعد تأسيسه لنادي الأهلي عام 1355ه وهو العام الذي يؤكد عليه الأهلاويون المؤسسون بما فيهم حمزة فتيحي واللاعب عبد الرؤوف وعبدالله الصائغ وناصر عبد المطلوب أن الأهلي تأسس في ذلك الموسم واختار الفتيحي له الاسم الجديد (الأهلي) وحدد الملعب في البغدادية بجوار نادي الاتحاد, ووضع في الفريق حسن شمس الذي ظل يلعب في الفريقين الاتحاد والأهلي في آن واحد! كما أشرف على تدريبه وذلك وفاء لصديقه حسن شمس فكان يقدم حصصاً تدريبية للفريق الجديد الناشئ (الأهلي) يؤكد على صحة ذلك الوثيقة التي نشرها أحمد زقزوق في أحد الصحف الرياضية عام 1423ه, من أن حمزة فتحي كان أول مدرب للأهلي عند تأسيسه, وقد اعترف رائد الرياضة الأمير عبدالله الفيصل بهذا الدور البطولي بشيء كبير من التقدير والامتنان في أكثر من مناسبة. ومن أبرز الأسماء الأهلاوية التي شاركت في التأسيس ورشحت في أول تشكيل بعد قيام الفريق وتأسيسه بدعم من الفتيحي هي: حسن شمس - رئيس ولاعب عبدالرؤوف بترجي - نائب وأمين صندوق ولاعب عبد الجليل إبراهيم بترجي - عضو عمر باقيس - عضو محمد عبدالله الصائغ وآخرون والشيخ حمزة فتيحي حين أسس الأهلي.. وسلمه لأول رئيس له (حسن شمس) كان فريقاً صغيراً ككل الفرق الأخرى التي أسسها لكنها ماتت ولم يستمر إلا النادي الأهلي الذي رعاه الأمير عبدا لله الفيصل, ولولا الله ثم هذه الرعاية من رائد الرياضة ما كان هناك فريق اسمه (الأهلي) اليوم. لم يكن يسيئه أن ينهض الأهلي ويكبر فهو نتاج فكره وجهده وكفاحه, ولم يكن الرمز الرياضي يكره الأهلي يوماً -رغم ارتباطه بالاتحاد- فقد أحبه وأحب لاعبيه كلهم وعلى رأسهم الحارس الدولي أحمد عيد, بل إنه نصح العديد من اللاعبين بالاتجاه للأهلي, واللعب فيه ومنهم سعيد غراب الذي ترك النصر أواخر الثمانينيات ولعب للأهلي, وكذلك المدافع الشهير حسن مجلجل, لأنه كان يرى توهج الأهلي في صالح الرياضة السعودية وتطورها مع بقية الفرق. كانت العلاقة بين الرمز والمؤسس حمزة فتيحي وبين زملائه قائمة على الاحترام والتقدير, وأول ما بدأ أن ربّى نفسه تجاه من هم أكبر منه سناً ومقاماً سواء مع فريق الرياضي أو فريق الاتحاد الذي انقسم عنه. كان لا يرفع صوته أو يحدق نظره عليهم حتى لو كان الحق له..! كان يتنازل عن حقه إذا كان من أجل الصالح العام, لذا كانت علاقته واسعة مع الجميع ملتزماً بالقيم الأخلاقية والخصائص التربوية التي جبل عليها. كان صاحب نظرة فنية ثاقبة.. يكتشف المواهب ويصقل مهارتها.. فهو أول من اكتشف النجم الشهير سعيد الغراب عندما كان يراه يلعب الكرة في برحه مقابل منزله في حارة اليمن, وكان يقول هذا (الفتى) سيكون له شأن في المستقبل, وبالفعل لمع اسم الغراب في عالم كرة القدم, وأصبح لاعباً مشهوراً بعد أن استفاد من توجيهات وخبرة المؤسس حمزة فتيحي, ولقد أولى الرمز الراحل للأشبال أهمية كبيرة ففي عام 1355ه صنع نجومه محمد سالم خميس, وصالح هاشم وعبدالله أصفر وفي عام 1369 قدم سليمان خميس أشهر جناح أيمن, وصالح زهران أبيض وصالح زهران أسود وموسى باناجه وإبراهيم راجخان, في عام 1370ه دعم الفريق ب(عبدالعزيز سرتي) وأحمد حلواني, وجاد الله الجميل, وهشام ناظر, وعبدالعزيز حسام الدين.. ومن اللاعبين الذين لجئوا إليه أي (للاتحاد) المهاجم النور موسى الذي كان يلعب في فريق العلمين بمكةالمكرمة قبل أن ينتقل للعميد, وغيرهم من النجوم الذين دعموا مسيرة الاتحاد. استمر في خدمة الفريق الاتحادي لاعباً ومدرباً ورئيساً حتى أوائل السبعينيات الهجرية, وفي عام 1372ه تفرغ للتحكيم بعد أن اكتسب خبرة فنية طويلة وتجربة ثرية.. منذ ممارسته الرياضة عام 1346ه حتى عام 1370ه, باعتبار أنه من كبار مؤسسي الحركة الرياضية بالمملكة, وتزامن تفرغه للتحكيم.. مع تأسيس الإدارة العامة للرياضة والكشافة بوزارة الداخلية في عهد الأمير الراحل عبد الله الفيصل -رحمه الله-. وبعد عودة الفتيحي من مصر وإنهائه الدورة التدريبية في مجال التحكيم تم تكليفه لإدارة مباراة الاتحاد والأهلي من مكةالمكرمة, فاعتذر عن إدارة المباراة.. حتى لا يتهم بالتحيز لفريقه, وكان التنافس آنذاك قوياً بين الفريقان على اعتبار أن الأهلي من مكة تأسس عام 1348ه وهي نفس الفترة التي تأسس فيها الاتحاد وبعد أن علم الأمير عبدالله الفيصل بذلك أصّر أن يكون حمزة (حكم), وأقيمت المباراة بحضور رائد الرياضة وخرج الفريقين راضيين بتحكيمه. وفي 27-06-1375ه أمر رئيس النادي الأهلي أن يحكم الفتيحي مباراة النادي الأهلي مع الاتحاد وهو العائد حديثاً من مصر بعد تخرجه من دورة التحكيم.. وفاز الاتحاد ولكن رئيس الأهلي احتج على النتيجة واعتبر أن فيها أهدافاً غير صحيحة..! فأمر الأمير عبدالله الفيصل وزير الداخلية آنذاك ورئيس الاتحاد لكرة القدم تشكيل لجنة برئاسة مصطفى كامل منصور سكرتير اتحاد القدم, وعضوية عبدالرحمن سرور, وعمر شمس للنظر في التظلم, وأيدت اللجنة جميع قرارات الحكم حمزة فتيحي, واستمر في التحكيم حتى عام 1376ه وحين سئل عن أسباب تركه التحكيم رغم بروزه في عالم التحكيم وأجاب أن الأسباب كثيرة وأهمها أن التحكيم نوع من القضاء.. يحب على الحكم تطبيق العدل والحق.. وسوف أسأل في هذا أمام الله عز وجل, إنني لم أحابي أي فريق ضد فريق ودائماً الحكم متهم والفريق المغلوب دائماً يعلق فشله علي الحكم..!! وهذا أزعج أسرتي, وكان الفتيحي -بالمناسبة- الحكم الوحيد الذي يضع على رأسه «برنيطة» أثناء التحكيم فاقتدى به الحكام الآخرون ثم حراس المرمى. وأحب أن أشير -والكلام للقدادي- أن الرمز الراحل كان يطالب منذ أن كان لاعباً بتشكيل منتخب للمملكة العربية السعودية لكرة القدم بلاعبين سعوديين من مختلف أنديتها يمثلون الوطن في المحافل العربية والدولية, وكان من أوائل المطالبين بهذا, ولعدم وجود جهة رياضية مسوؤلة عن الرياضة حتى عام 1372ه لم يتحقق هذا الحلم.. لكن رائد الرياضة الأمير عبدالله الفيصل استبق هذا كله قبل أن يتولى مسئولية الرياضة عبر وزارة الداخلية وشكل -رحمه الله- منتخباً من فرق مكةالمكرمةوجدة من اللاعبين الوطنين, وآخرون من الأجانب الوطنين, ولعب هذا المنتخب أمام منتخب أرامكو, أو كما يسمى منتخب الشرقية.. وكان دور الرمز العصامي حمزة فتيحي في هذا المنتخب هو المدرب وأشرف عليه كأول مدرب لمنتخب تأسس آنذاك. ولقد كسب -رحمه الله- ثقة وتقدير رائد الرياضة الذي لم يكن يكلف تحكيم المباريات الهامة والحساسة إلا له. يروي حمزه فتيحي أن فريقه منذ أن كانت الحرب العالمية الثانية على الأبواب عام 1359ه والكل انفض من فريق الاتحاد فوجئ بالأمير عبد الله الفيصل قد أرسل إليه خمسة آلاف ريال، وهو في ذلك الوقت لم يكن قد اهتم بكرة القدم ولا يوجد من يهتم بها غير حمزة فتيحي مثل ذلك المبلغ كان رقماً كبيراً في ذلك الوقت ساعده على الصرف على الفريق, وعندما أسس حمزة فتيحي فريق الاتحاد الوطني حضر الأمير عبد الله الفيصل عدة مباريات له خلال السنوات التي وجد فيها الفريق الجديد قبل أن يلتحم مع فريق الاتحاد مع غير السعوديين, ثم كان موقف رائد الرياضة بالصلح بين حمزة فتيحي وعبد العزيز جميل بسبب خلافهما حول اللاعب الوطني والأجنبي, وإنجاز الأمير عبد الله الفيصل لمشروع اللاعب الوطني في جميع الفرق وليس في نادي الاتحاد فقط, وهو ما كان ينادي به حمزة فتيحي لكن ذلك كان بدعم من الأمير عبد الله الفيصل.