الفتاوى المتطرفة والموغلة في التعدي على حقوق الغير التي انتشرت هذه الأيام بين مستخدمي الإنترنت هي عودة جديدة لموجة العنف، لا بد أن يعمل الفضلاء من المشايخ المعتدلين على تفنيدها ودحضها ومراجعتها. أحدهم يطالب بتجمّع إسلامي للهاكرز ويقترح تسميتهم بالمجاهدين الإلكترونيين، ولا أدري مَن الذي أعطاه الحق بالخروج على معاهدات بلاده وتعاملاتها مع الدول الأخرى، فهل سيظهر لدينا تجمع نسمي أصحابه بالخوارج الإلكترونيين؟ كيف نحارب أعداءنا بسرقتهم؟ هؤلاء الخوارج الإلكترونيون ألم يقرأوا في باب التسامح الإسلامي؟ ألم يقرأ هؤلاء توجيه سيّدنا ومعلِّمنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال: «أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» أخرجه الترمذي. لا تخن من خانك فكيف بمن لم يسرقك ولم يخنك؟ لسنا في صحراء مقطوعة، نحن دولة مدنية تنتظم في تجمعات وتحالفات وتعاملات دولية، لدينا مواثيق ومعاهدات مع المنظمات الاقتصادية وهيئات المعلومات والاتصالات، أن يضرب نفرٌ منا بكل هذا من أجل نشوة عابرة لاختراق حساب «يهودي أو نصراني كما يطلقون عليهم،»والإسلام يسميهم أهل الكتاب ويدعو لحفظ حقوقهم في السلم والحرب، أمر غريب والأغرب منه أن يجد تشجيعاً ومؤزارة وغطاء شرعياً من بعض المتحمسين. أين التسامح وأين الوفاء بالعهد وأين تحقيق مقاصد الشريعة في حفظ المال والنفس والعرض؟ فكيف ينتهك مال الإنسان باسم الدين والدين براء، فالله سبحانه وتعالى يحث على العفو والإحسان ورسوله صلى الله عليه وسلم يوجه بالرفق ونبذ التعدي والعنف، ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً، فإن لهم ذمة ورحماً) رواه مسلم.