الكسب في كرة القدم قد يكون هو مربط الفرس بصرف النظر عن كيفية تحقيقه.. لكنه ليس المقياس الحقيقي والموضوعي لجوانب أخرى إبداعية هي من صلب متعة كرة القدم. فقد يكسب الفريق الأقل ترشيحاً، الأقل عطاءً.. لكنه الأوفر حظاً.. هنا تكون المعادلة ناقصة، أما إذا تحالفت مقومات العطاء المنسجم مع متطلبات الأداء المبهر بتنفيذ الجُمل بواسطة أقدام تعرف معنى الإبهار والإمتاع.. فلا شك أن الصورة ستكون حينئذٍ غاية في الروعة والجمال.. خصوصاً إذا توجت بالكسب. هكذا أرى الهلال الحالي بشبابه.. بمقوماته.. بفكره.. بكل ما فيه، سواء كسب أو خسر.. المهم أنه لا يزال يمسك بتلابيب مميزات وكاريزما وحضور بطل ولِد في منصة التتويج ولا يعنيه من الطرف المقابل إلا أن يمنح ذلك الطرف حقه من الاحترام ويمضي، حتى والصافرة تستبيح بعض حقوقه وجماله كالمعتاد.. ثم تُجند الأصوات المبحوحة، والأقلام الصدئة لتصفق للظالم وتعتبره بطلاً قومياً لأنه كان شجاعاً في الباطل، وضليعاً في السوء؟؟!!. انتصاراً لمن؟! الكثير من القضايا ذات الأبعاد والأهداف الإنسانية والشريفة مرت مرور الكرام، وذهبت ادراج الرياح.. لم تشكل حالات من التوقف الاستقصائي والبحثي برغبة الوصول إلى غاية تتماهى وجوهرها وأهدافها لدى الكثير من وسائل الإعلام؟!. في حين يفاجئنا بعض منسوبي الإعلام (الفضائحي) الحديث بين الفينة والفينة بشيء من اقتباساته العصرية مما نسمعه عن ممارسات الإعلام الغربي الأصفر.. الذي يعتمد على العيش في كنف أخبار الفضائح في أوساط الفنانين وتبنيها.. بل افتعالها أحياناً بالاتفاق مع أطرافها بغرض التشويق والتسويق ولفت الأنظار والاشتهار..؟!. هذا الإعلام الحديث بما فيه بعض الوسائل والبرامج الرياضية.. بات يغترف من ذات المعين، ويمارس ذات الاتجاه والتوجه.. إذ ما أن يرتكب أحدهم حماقة أو سوء سلوك، أو قولا أو فعلا مشينا.. حتى تتهافت تلك الوسائل لخطب ودّه، والعمل على الاحتفاء به واستضافته وتقديمه للمشاهدين كما لو أنها تقدم شخصية علمية فذّة؟!. ولعل آخر ما أتحفنا به هذا الإعلام المتهافت إنما يتمثل في نبش حكاية اللاعب الكاميروني إيمانا مجدداً، وعندما تبحث عن الغاية، وعن الفائدة المتوخاة من وراء الحرص على نفخ رمادها.. ستجد أن المسألة برمتها لا تتجاوز البحث عن بطولة شخصية دافعها الغرور والغطرسة حد التورم، وأنه لا وجود لطرف ينبغي الانتصار له بقدر ما هو اللهث خلف وهم تحقيق تلك البطولة الزائفة حتى لو أدى الأمر إلى اللجوء للتلفيق والتأليف.. رُب كلمة قالت لصاحبها دعني. يا خفي الألطاف لا حول ولا قوة إلا بالله.. كيف لإنسان يفترض أنه راشد، وقد بلغ من العمر ما يجعله أكثر قدرة على التمييز وبالتالي الحذر من الوقوع في التهلكة عامداً متعمداً، وفي سبيل ماذا.. جلد منفوخ؟!. والله لقد صعقت وأنا أقرأ ذلك السيل من التغريدات المتبادلة بين إعلاميي أحد الأندية على خلفية خسارته مؤخراً وكأنها المرة الأولى التي يخسر فيها ذلك الفريق، أو كأنه كان يكتسح الفرق صغيرها وكبيرها بدليل موقعه في الترتيب.. وأن وضعه في تلك المباراة تحديداً هو ما يدعو للريبة..!!!. سحر، شعوذة، دنبوشي، سيب عُمان، المجمعة، غيروا أرضية الملعب، غيروا الغرف، لم يتبق سوى المطالبة بإزالة منشآت النادي والملاعب عن بكرة أبيها لكي يؤمن أولئك الجهلة بأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.. أين هذه الارتيابات الخزعبلاتية عندما يكتسح العميد ذلك الفريق بالستة؟؟!!. يا جماعة الخير.. المسألة برمتها مجرد لعبة وبالتالي يفترض ألاّ يقامر المرء بجوهر عقيدته ويضع نفسه الضعيفة في هذا الدرك السحيق من أجلها، أو حتى من أجل ما هو أكبر منها أو أصغر.. أنتم تقامرون وتغامرون بشيء عظيم لو تعلمون.. عودوا إلى رشدكم وتوبوا إلى الله مما اقترفتموه بحق أنفسكم.. ولتذهب كرة القدم إلى الجحيم إذا كان الثمن على هذا القدر من الفداحة.. حسبنا الله ونعم الوكيل.