الزكاة فريضة الله تعالى في المال وهي أحد أركان الإسلام ودعائمه العظام، معناها يدل على فضلها وبركتها فهي النماء والزيادة رغم أنها تقتطع من المال ولذا قال صلى الله عليه وسلم «ما نقص مال من صدقة بل تزده بل تزده» وذلك لتعليم الناس، أن البركة تحل في المال المزكى والعكس صحيح. وهذا أمر مشاهد فإن الموفقين لأداء ما يجب عليهم في أموالهم يجدون بركة فيما ينفقونه وبركة فيما يبقى عندهم وربما فتح الله لهم أبواب الرزق بسبب إنفاقهم لأموالهم في سبيل الله. ثم هناك زيادة أخرى للزكاة وهي زيادة الإيمان في قلب صاحبها لأن الزكاة من الأعمال الصالحة التي تزيد الإيمان. ولذا فما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم اعط منفقاً خلفاً ويقول الآخر: اللهم اعط ممسكاً تلفاً» كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. المالك الأصلي للمال هو الله تعالى ولذا قال سبحانه في الحث على الانفاق:« وآتوهم من مال الله الذي آتاكم» والانسان مستخلف على هذا المال ولذا قال تعالى:« وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه». ومع ذلك فإلانسان يملك هذا المال إذا حازه بطرق مشروعة وقد نسب الله تعالى المال إلى صاحبه في آيات كثيرة قال تعالى:« خذ من أموالهم». وقال سبحانه «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل». والله سبحانه غني عن الناس إنما جعل الزكاة ابتلاءً للأغنياء وصدقة على الفقراء قال صلى الله عليه وسلم في وصيته لمعاذ رضي الله عنه عندما بعثه إلى اليمن «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم». فهي منكم وإليكم. لو أخرج كل مسلم زكاة ماله لما وجد في المجتمع الإسلامي فقير، الفقير في المجتمع المسلم يفرح بزيادة مال الغني لأنه كلما زاد ماله زادت زكاته التي تعود إلى هذا الفقير. الزكاة لها على المجتمع آثار اجتماعية حميدة فهي تطهر الأغنياء من الشح والبخل وتعودهم على البذل والعطاء ولذا فالذي يخرج الزكاة لا يكتفي بها في الغالب بل ويتصدق زيادة عليها. الزكاة تكبح شهوة حب المال في نفوسهم وتعمق فيهم الشعور بواجب التكامل الاجتماعي وتشعرهم بالاخوة الإسلامية الحقيقية وان المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً. وهي كذلك تطهر نفوس الفقراء من الحقد والحسد الذي قد يلحقهم عندما يرون أصحاب الأموال يتمتعون بها بل ويسرفون ويبذرون وهم يعيشون تحت مستوى الفقر فلا يجدون ما يسد جوعتهم وهذا سبب لاختلال أمن المجتمع حين يتربص الفقير بالغني وربما اعتدى عليه وسعى لأخذ ماله مما يؤدي بهذا المجتمع إلى الفتن والاضطرابات التي تحول الحياة إلى جحيم ويكون وقودها الجميع. الزكاة تقلل التفاوت بين طبقات المجتمع إذ كلما زاد مال الغني كلما زاد العائد على الفقير. لهذه الاثار الحسنة ولحكم كثيرة يعلمها الله تعالى جعل هذه الزكاة أحد أركان الإسلام وقرنها بالصلاة التي هي عمود الدين في آيات كثيرة من كتاب الله. ولله المن من قبل ومن بعد على الأغنياء والفقراء والله عليم حكيم.