أصبح المندوبون الأفغان المكلفون بإنشاء حكومة مؤقتة لبلدهم على قاب قوسين من استعادة دور للمرأة في الحياة العامة. فبعد جولة نهائية من المفاوضات في 4 كانون الأول ديسمبر خارج بون، بألمانيا وافقت الوفود الأربعة المتنافسة على حكومة مؤقتة تضم امرأتين. وقد اتفق المندوبون على حكومة من 29 عضوا وعلى رأسها رئيس للوزراء، مع خمسة نواب لرئيس الوزراء و23 وزيرا ونائب وزير . وعينت سيما سمر وهي طبيبة تدير مراكز صحية للاجئين الأفغان في باكستان، وزيرة لشؤون النساء، وستكون أيضا نائبا لرئيس الوزراء في الحكومة الجديدة بقيادة حامد كرزاي، حسبما ذكرت تقارير صحفية. وستكون الدكتورة سمر، وهي من سلالة هزارا في محافظة غازني، أول امرأة تشغل هذا المنصب الرفيع في أفغانستان. وبالإضافة إلى الدكتورة سمر، ستصبح المرشحة المستقلة سهيلة صديقي وهي جراحة وجنرال سابق في الجيش ما زالت تعيش في كابول وزيرة للصحة العامة. وقد رحب الناطق باسم البيت الأبيض آري فلايشر بالاتفاق الذي يسجل تحول أفغانستان إلى حكومة عريضة القاعدة خلافا لنظام طالبان القاسي. وقال إن الاتفاق «سيتيح لشعب أفغانستان أن يستعيد بلده، والرئيس مسرور جدا لذلك». وقال فلايشر الذي كان يتحدث أثناء مؤتمر البيت الأبيض الصحفي في 5 كانون الأول ديسمبر «إن الرئيس مسرور لطبيعة الحكومة المتعددة الأعراق. وهو مسرور للدور الذي ستلعبه المرأة في حكومة أفغانستان القادمة . لكن ما زال هناك مزيد من العمل ينبغي القيام به». وجاء الاتفاق في أعقاب نداءات متعددة من المسؤولين الامريكيين وسواهم عبر العالم كي يكون للنساء الأفغانيات دور يلعبنه في إعادة بناء بلادهن التي مزقتها الحرب . وقد أثارت السيدة الأولى لورا بوش انتباها واسع النطاق إلى الاضطهاد الذي تعاني منه النساء في أفغانستان، اللواتي منعن في ظل حكم طالبان من العمل أو الدراسة خارج المنزل أو مغادرة منازلهن دون أن يصحبهن أحد أقربائهن الذكور. وقالت «إن محنة النساء والأطفال في أفغانستان هي مسألة قسوة إنسانية متعمدة، يقوم بها أولئك الذين يسعون إلى الترهيب والسيطرة»، مضيفة أن معاملة طالبان للمرأة هي شكل من أشكال «الفصل العنصري الجنسي». وفي اجتماع مع 11 امرأة أفغانية في البيت الأبيض في 27 تشرين الثاني نوفمبر، شددت السيدة بوش على ضرورة أن تحمي الحكومة الأفغانية الجديدة حقوق النساء والأطفال وتضمن أن يحصل جميع الأطفال، و«ليس فقط الصبيان» على تعليم. وقالت السيدة بوش في تلك المناسبة، «إننا الآن في وقت حرج جدا بينما تشكل أفغانستان حكومتها الجديدة، وإن استقرار أفغانستان، واستقرار المنطقة يعتمد إلى حد كبير على التأكد من أن حقوق الإنسان هي جزء واضح جدا من الحكومة الجديدة. وبالطبع تتضمن حقوق الإنسان حقوق النساء والأطفال». وقد راقبت ناشطات مؤيدة للنساء الأفغانيات المحادثات التي استمرت تسعة أيام في ألمانيا باهتمام كبير لرؤية مشاركة نسائية في الحكومة الانتقالية. وقالت سارة اميريار، وهي إدارية من جامعة جورجتاون في واشنطن ولدت ودرست في أفغانستان، إن النساء الأفغانيات يجب أن يكن جزءا من عملية السلام وإعادة البناء على جميع المستويات. وقالت اميريار بينما بدأت الوفود محادثاتها، «إنه يجب ألا يقلل من شأن المرأة الأفغانية. فعلى الرغم من حقيقة أن النساء الأفغانيات كن الضحية الرئيسية خلال عقدين من النزاع والفظائع، إلا أنهن اللواتي أبقين الثقافة الأفغانية حية». وفي مؤتمر عقد في نيويورك في 29 تشرين الثاني نوفمبر بعنوان «نساء مؤيدة لنساء أفغانستان: تأمين مستقبلهن»، أعرب بعض المشتركات عن خيبة أملهن لأن مؤتمر بون لم يضم سوى ثلاث مندوبات، مقارنة مع 60 مندوبا من الرجال، بينما النساء يشكلن أكثر من نصف سكان أفغانستان. وقالت فهيمة دنيشغار المؤسسة المشاركة لجماعة «نساء مؤيدة لنساء أفغانستان» إنه «لم يكن هناك عدد كاف من النساء في الوفود السياسية إلى المؤتمرات كمؤتمر بون». ووصفت دنيشغار، التي جاءت إلى الولاياتالمتحدة وهي في سن العاشرة، البلد الذي تأمل أن تساعد على إعادة بنائه كما كان قبل عهد طالبان قائلة، «إنني أتذكر أفغانستان حيث كانت النساء تمشين بحرية في الشوارع، وتشاركن في التعليم، وتذهبن إلى المدارس والجامعات، وكن جزءا من المجتمع في المهن والحكومة». وقالت «هذه هي أفغانستان التي أتصورها في ذهني وأحتفظ بها عزيزة في قلبي». وفي حين سيستمر الضغط الدولي من أجل مشاركة كاملة للنساء في حكومة أفغانستان الجديدة، فإن المسؤولين الأمريكيين يشددون على أن القرارات بشأن تركيبة الحكومة ينبغي على الأفغان أنفسهم أن يتخذوها. وقال آري فلايشر للصحفيين في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض بتاريخ 27 تشرين الثاني نوفمبر، «إن شكل أفغانستان في المستقبل سيقرره أساسا شعب أفغانستان. إننا لا نستطيع أن نملي الأحداث اليومية لكل شخص في جميع أنحاء أفغانستان، لكن الرئيس سيتحدث بوضوح عن حاجة المسؤولين في أفغانستان لأن يتبعوا إجراءات حقوق الإنسان ويعاملوا الناس معاملة حسنة، بما في ذلك نساء أفغانستان».