تعد أسرة آل بداح بالزلفي واحدةً من أشهر أسر آل راشد من الفراهيد، وذلك لما كان لها من أدوار مهمة في تاريخ الزلفي، ويكفي للتدليل على ذلك أن سبعة من رجالات آل البداح قد تولوا إمارة الزلفي، وآل البداح هم ذرية بداح بن عبدالمحسن الراشد، وبداح وسلمان أخوان، ولذرية سلمان مكانة علمية« سبق وأن تناولتها قبل في هذه الصفحة» أما ذرية بداح فلها مكانة سياسية مما سيتضح بيانه من الأمراء الذين تولوا إمارة الزلفي وتكاد تنحصر إمارة آل البداح في الفترة ما بين 1290ه وحتى عام 1345ه وفيما يلي بيان أمرائهم. 1 الأمير عبدالله البداح: يعد عبدالله بن بداح واحداً من أبرز رجالات الزلفي في منتصف القرن الثالث عشر الهجري والعقد الأول من القرن الرابع عشر الهجري، عرف برجاحة العقل وحب الخير وإصلاح ذات البين، وفي الرسالة التي وجهها الإمام فيصل بن تركي إلى أهالي وأعيان الزلفي بشأن تعيين الأميرمجاهد أميراً عليهم كان عبدالله بن بداح ضمن الأعيان الذين كانوا أغلبهم من أبناء عمه من آل سلمان وآل عبدالكريم وغيرهم، وكان من ابرز أثرياء الزلفي في زمنه وقد اطلعت على عشرات من الوثائق الخاصة به وبأملاكه المنتشرة في العديد من قرى الزلفي كبلدة الزلفي والأثلة وعلقة وشلوان والجوي وغيرها، ولا يعرف بالضبط تاريخ توليه الإمارة، إلا أنه من المؤكد بعد إمارة سليمان المقرن الذي ولي إمارة الزلفي بعد أخيه الأمير مجاهد المقرن المقتول في معركة جودة سنة 1287ه، ويذكر كبار السن أن إمارة سليمان المقرن دامت ثلاثة أعوام، وبذلك تكون إمارة عبدالله البداح في حدود عام 1290ه، وتكشف وثيقة تعود إلى أواخر القرن الثالث عشر الهجري شيئاً مما كان يقوم به الأمير عبدالله بن بداح من أدوار تفاوضية مهمة نيابة عن جماعته أهل الزلفي، إذ تشير الوثيقة إلى أن مسيَّب آل أبو وريك قد أستوفى من هل الزلفي دية أخيه عوض ما يثبت منها ريال مثل ما تفاصل به عبدالله البداح والأمير محمد بن عبدالله الرشيد ولم يبق له عليهم حق ولا دعوى وقد شهد على ذلك عقيل بن فالح وثلاب بن لام وكتبه شاهداً به عبدالرزاق بن عبدالله بن قاسم راعي الشماسية. وقد ترك الأمير عبدالله البداح إمارة الزلفي في عام 1304ه وتولى بعده ابن أخيه راشد بن سلمان البداح، وقد توفي الأمير عبدالله البداح في عام 1315ه. 2 الأمير راشد بن سلمان البداح: تولى إمارة الزلفي بعد عمه عبدالله البداح وذلك في عام 1304ه وقد جعل منه الدكتور محمد السلمان في كتابه «الأحوال السياسية في القصيم ص 250» طرفاً ثالثاً في سبب العداوة بين ابن رشيد وابن مهنا أمير بريدة والتي كان نتيجتها معركة المليدا الشهيرة وذلك بسبب موارد الأبل لرعيها وسقيها يقول الدكتور السلمان«اعتدى حسن المهنا أمير بريدة على موارد الزلفي واشترك مع موارد أهل الزلفي فأرسل إليه أمير الزلفي راشد السلمان يعتذر إليه ويطلب سحب أبله عن موارد الزلفي لأن الماء قليل لا يكاد يكفي حاجة موارد البلد إلا أن حسن المهنا غضب من أمير الزلفي وأرسل له رافضاً طلبه فرد عليه أمير الزلفي بأنه سيتحاكم هو وأياه عند ابن رشيد ليحكم بينهما فرد ابن مهنا برسالة يذكر فيها أنه ليس خاضعاً لأوامر ابن رشيد ولا يعترف بسيادته وحكمه فما كان من أمير الزلفي راشد السلمان إلا أنه أرسل إلى محمد بن رشيد يخبره بذلك وجعل خطاب ابن مهنا الأخير طي خطابه لابن رشيد وذلك في عام 1305ه وبذلك أثار نار العداوة بين ابن رشيد وابن مهنا» وقد توفي الأمير راشد البداح في عام 1311ه ليخلفه في إمارة الزلفي ابنه محمد. 3 الأمير محمد الراشد البداح: آلت إليه إمارة الزلفي بعد وفاة أبيه وكان في عنفوان شبابه لم يتجاوز الثلاثين من عمره، عرف عنه الشجاعة والإقدام وله قصص شهيرة ليس هنا مجال سردها، إلا أنه أشهر أمير من أمراء آل البداح، عاصر شطراً من إمارة محمد بن رشيد وشطراً من إمارة عبدالعزيز بن متعب الذي كان معجباً بأمير الزلفي الشاب، وبينهما صداقة وصلة، وقد خلدت بعض مواقف محمد الراشد التي تدل على شجاعته وإقدامه في قصائد لشعراء من الزلفي من ذلك قصيدة ابن عوجان التي يقول فيها: يوم ان أبو راشد على الحمرا اشتهر سبَّل وحنا ما توانينا وراه وكذلك قصيدة ابن خليف راعي سمنان التي يقول فيها: قل هيه ياهل الركايب منكم لفانا كلام وقد ورد ذكر للأمير محمد الراشد في بعض كتب التواريخ النجدية كتحفه المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق وكذلك كتاب« إمارة آل رشيد في حائل» لمحمد الزعارير. وقد قُتل الأمير محمد الراشد في رمضان من عام 1321ه على ما أشار إلى ذلك ابن بسام ومحمد الزعارير، وبمقتله دخلت الزلفي تحت حكم الملك عبدالعزيز، الذي أقر وعيّن ابن عمه ناصر بن عبدالله البداح أميراً على الزلفي. 4 ناصر بن عبدالله البداح: تولى بعد مقتل الأمير محمد الراشد وكان ورعاً تقياً من أبرز طلبة العلم في الزلفي وقد أطلعني الشيخ احمد بن حميدان على كتاب«كشف الشهاب في تبرئة الشيخ محمد بن عبدالوهاب» وقد نسخه الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن سلمان وكتب عليه أن الكتاب وقف على طلبة العلم وجعل النظر فيه لناصر العبدالله البداح وذلك عام 1307ه. شارك الأمير ناصر البداح في معركة البكيرية عام 1322ه وكان حامل لواء أهل الزلفي في المعركة ضد ابن رشيد إلى جانب الإمام عبدالعزيز آل سعود، وقد قتل الأمير ناصر البداح في تلك المعركة. 5 أحمد بن عبدالله البداح: تولى إمارة الزلفي بعد أخيه الأمير ناصر وذلك في عام 1322ه ، وترك الإمارة في عام 1324ه للأمير عثمان الناصر الذي كان لأجداده إمارة الزلفي قبل إمارة البداح والذين سأتناولهم في حلقة قادمة بإذن الله. 6 علي بن عبدالمحسن البداح: تولى إمارة الزلفي بعد الأمير عثمان الناصر وذلك في عام 1329ه ، وكان شاباً يافعاً قدر شكسبير عمره عندما التقاه ذات مرة باثني عشر عاماً وقال شكسبير انه حدثه عن مقتل عمه في إحدى المعارك ضد ابن رشيد وكشف شكسبير عن خوف الأمير من سطوة الشيخ النجدي المسن عبدالله بن سلمان، وذكر شكسبير أن منزل الأمير علي يقع بالقرب من البوابة وقد قابله الأمير في الشارع وأخذ به إلى الديوانية التي كانت مؤثثة بأناقة وبسجاد وبمعاميل القهوة وأجلسه الأمير جواره بالقرب من موقد القهوة وهو مكان التقدير ويذكر شكسبير أن علياً كان مضيفاً ممتازاً. والأمير علي البداح هو حامل لواء أهل الزلفي في معركة جراب 1333ه وقد ترك الإمارة في عام 1334ه ليتولاها الأمير زيد العبدالقادر ثم الأميرسلمان البداح. 7 الأمير سلمان البداح: إذا كان شكسبير قد قابل أثناء زيارته للزلفي الأمير علي البداح فإن جون فلبي الذي زار الزلفي عام 1918م قد حرص على مقابلة الأمير سلمان البداح، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، نظراً لذهاب الأمير سلمان البداح برفقة أمير الزلفي السابق عثمان المحمد إلى الرياض من أجل مقابلة الملك عبدالعزيز، حسب قول فلبي الذي تمكن من مقابلة نائب الأمير مجاهد البداح الأخ الشقيق للأمير سلمان البداح، وقد اعتزل الأمير سلمان البداح إمارة الزلفي عام 1345ه تقريباً وهو آخر أمراء البداح على الزلفي. هذه إشارات مختصرة من كتاب أعتزم طباعته بعنوان«قبيلة عتيبة بالزلفي: تاريخ وإمارة» وكلي أمل بكل من لديه إضافة أو معلومة أو وثيقة من شأنها أن تكشف غامضاً أن يوافيني بها، والله من وراء القصد.