قبل أن أشرع في كتابة مقالي اسمحوا لي أن أقف دقيقة حداد على عهد الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك - حيث كانت أم الدنيا تنعم بالأمن والأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي حتى أصبحت مصر وجهة العالم الأولى في السياحة والاقتصاد، أي سائح في العالم إن أردت أن تسأله أي بلدان زارها سيتبادر إلى ذهنك مباشرة مصر، حتى أن الأموال الخليجية والعربية والعالمية والمشاريع كانت تتدفق على مصر من كل جانب، وكل من رغب بعمل أو مشروع أو إجازة اتجهت عيناه نحو المحروسة، لكن اليوم هيهات.. هيهات.. إذا المصري نفسه أصبح لا يأمن على نفسه في مصر فكيف بنا نحن العرب، انظر إلى حديث الناس عن العصابات المنتشرة في كل حارة من حارات مصر والسرقات والفوضى الشوارعية حتى تعطلت مصالح البلد وأصبحت عبارة عن فوضى عارمة تضرب أركان البلاد شمالا وجنوبا شرقا وغربا حتى أصبحت مصر كالذي يتخبطه الشيطان من المس. الناس أصبحت تخشى زيارة مطار القاهرة في الوقت الذي كانت تطمئن قلوبنا ما أن تمس الطائرة مدرج مطار القاهرة وننظر من نافذة الطائرة إلى القاهرة مدينة تعج بالحياة والأمن والطمأنينة، مدينة تعج بالشعر والثقافة والفن بكل أطيافه، مدينة تعلو الضحكة بها من بولاق إلى الزمالك وقلوبنا تتجه إلى شرم الشيخ تارة وإلى الإسكندرية تارة ثانية ومن ثم إلى الغردقة تارة ثالثة والأقصر والشاطىء الشمالي وغيرها كثير من المدن والمنتجعات. واليوم بأي حال يا مصر أصبحتي، أبحث عن مصر التي أعرفها ويعرفها كل عربي لا نجدها نبحث عن مصر الإستقرار فلا نجدها مصر السينما لا نجدها مصر المسرح لا نجدها مصر النيل لا نجدها، حتى النيل حرمت عيون المشاهدين من منظره وبقي النيل حزين توقفت حركته بكاء في النهار وأنين في الليل، النيل أصبح كئيبا وعيوننا لا تنظر إلى مصر الأهرامات ومصر الفنادق والمنتجعات ومصر البحر والشواطىء ومصر النيل بل أصبحت تنظر إلى مصر الشوارع والميادين المليئة بالحجارة والقنابل المسيلة للدموع والمتظاهرين بجانب والشرطى بعصاهم بالجانب الآخر وإطارت سيارات محروقة وملابس ممزقة عيوننا أصبحت تنظر إلى مصر المواجهات الدامية بين المسلمين والأقباط وأصبحت هناك قوائم سوداء وبيضاء وبنفسجي وفنانون شرفاء وآخرون لحق العار بهم. وصدقت كلمة صديقي (ثامر) عندما هاتفته وقلت له اشتقت لزيارة مصر فقال لي: لم تعد مصر مصرا. سبحان مغير الأحوال وسبحان مقلب القلوب.. وحفظ الله مصر والمصريين.. وعاشت مصر أمآ لهذه الدنيا..فليحرسك الله يا محروسة.