«سدايا» تفتح باب التسجيل في معسكر هندسة البيانات    الأسهم الاسيوية تتراجع مع تحول التركيز إلى التحفيز الصيني    انطلاق «ملتقى القلب» في الرياض.. والصحة: جودة خدمات المرضى عالية    تقرير أممي يفضح إسرائيل: ما يحدث في غزة حرب إبادة    خطيب المسجد النبوي: الغيبة ذكُر أخاك بما يَشِينه وتَعِيبه بما فيه    فرع هيئة الهلال الأحمر بعسير في زيارة ل"بر أبها"    الإتحاد يُعلن تفاصيل إصابة عبدالإله العمري    بطلة عام 2023 تودّع نهائيات رابطة محترفات التنس.. وقمة مرتقبة تجمع سابالينكا بكوكو جوف    نيمار: 3 أخبار كاذبة شاهدتها عني    أمانة الطائف تجهز أكثر من 200 حديقة عامة لاستقبال الزوار في الإجازة    رفع الإيقاف عن 50 مليون متر مربع من أراضي شمال الرياض ومشروع تطوير المربع الجديد    جدة تستعد لاستقبال مهرجان "منطقة العجائب" الترفيهي    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    خطيب المسجد الحرام: من صفات أولي الألباب الحميدة صلة الأرحام والإحسان إليهم    في أول قرار لترمب.. المرأة الحديدية تقود موظفي البيت الأبيض    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    دراسة صينية: علاقة بين الارتجاع المريئي وضغط الدم    5 طرق للتخلص من النعاس    «مهاجمون حُراس»    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    الهلال يهدي النصر نقطة    رودري يحصد ال«بالون دور» وصدمة بعد خسارة فينيسيوس    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    حديقة ثلجية    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    لصوص الثواني !    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    الأزرق في حضن نيمار    جودة خدمات ورفاهية    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    التعاطي مع الواقع    ليل عروس الشمال    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنزكي الفلوس ولا نزكي الذهب والتجارة؟!
المسكوت عنه
نشر في الجزيرة يوم 23 - 12 - 2011

ارتباط وجوب الزكاة بالربا، هو من الجهل الذي انتشر بين الناس بسبب الخلط الذي نشأ من الخوف من نتائج خطأ إلحاق الأوراق النقدية بالفلوس القديمة. فقد توهم الناس بأن عدم قياس الأوراق النقدية على الذهب، سيزيل عنها حكم الزكاة فيها، وجعلوا مربط ذلك بالثمنية والتي لم تعد موجودة في الذهب والفضة. فهم بذلك قد عطلوا حكم الزكاة والربا عن الذهب والفضة كما عطلوا الزكاة عن عروض التجارة أيضا إذ إن عروض التجارة ليست أثمانا، وقد قيست في مقدارها ونصابها على الذهب والفضة. وهذه فوضى فقهية سببها هو التقليد من هنا هناك، مع شيء من سد الذرائع وقليل من فلسفة المقاصد حتى اختلطت الزكاة بالربا، وحُرم الحلال وحُلل الحرام وانتشر الجهل وضاع العلم ومُنعت فرائض الدين.
لا علاقة للزكاة بالربا. وكون الذهب والفضة يجري فيهما الربا، فإن علة الربا فيهما غير علة الزكاة. وأداء الزكاة أمر واجتناب الربا نهي.
وأمر الشارع الحكيم بزكاة الذهب والفضة قد لا يقتصر عليهما بل قد يتعدى لغيرهما بعلة صحيحة منضبطة. فكل ما اتفق مع الذهب في هذه العلة وجب فيه الزكاة بنفس مقدار ونصاب الذهب. والواجب أن نؤصل حكم الزكاة في الذهب والفضة ثم نجري الزكاة في كل حادث مستجد وجدت فيه العلة وفي كل ما لم ينص الشارع عليه أو لم ينص على مقداره أو نصابه كعروض التجارة والأوراق النقدية.
الذهب والفضة هما مال جوهرهما معدن وحقيقتهما سلعة وصفتهما الثمنية (أي تثمن وتقيم بهما الأشياء). وقد نص الشارع على وجوب الزكاة في الذهب والفضة، فهل يتعدى حكم زكاة الذهب والفضة على الأموال الأخرى التي لم ينص الشارع على زكاتها؟ الجواب هو أن ننظر فإن كان هناك علة منضبطة صحيحة في زكاة في الذهب والفضة، فستجب الزكاة في كل مال ينطبق عليه هذه العلة.
فلو قلنا إن علة الزكاة في الذهب بكونه معدنا، فمعنى ذلك أن كل معدن تجب فيه الزكاة، ولو كان في سيارتك وسيفك، وهذا ترفضه النصوص الشرعية الثابتة بأن مركب الرجل وسلاحه ومتاعه مما لا زكاة فيه. ولو قلنا بأن علة الزكاة في الذهب كونه سلعة فهذا يعني وجوب زكاة كل شيء أصله سلعة، ولو كان متاع الرجل وخيله وسلاحه ومنزله، وهذا ترده النصوص الثابتة أيضا. وإذا قلنا بأن ثمنية الذهب والفضة قديما هي علة جريان الزكاة فيهما فهذا يعني أن الأوراق النقدية فيها زكاة لأنها أثمان، وأما عروض التجارة فلا زكاة فيها لأنها ليست أثمانا (وهذا لا يستلزم بطلان العلة) ولكن الذي يستلزم بطلان الثمنية علة لزكاة الذهب والفضة كونها تستلزم أن لا زكاة في الذهب والفضة؛ لأنهما لم يعودا أثمانا اليوم. وهذا لا يخفى على عاقل ولا حاجة للاستدلال عليه.
ولكن من باب الاستئناس، فقد جاء في كلام الإمام الغزالي في (المستصفى في فصل في حق المناظر) فقال (2-296): «ثم إفساد سائر العلل تارة يكون ببيان سقوط أثرها في الحكم بأن يظهر بقاء الحكم مع انتفائها أو بانتقاضها بأن يظهر انتفاء الحكم مع وجودها».
إذن، فهل في وجوب الزكاة في الذهب والفضة علة متعدية صحيحة منضبطة أم أن نقدر الله حق قدره فلا نتألى عليه في التحريم والتحليل فنقصر حكم زكاة الذهب والفضة عليهما؟
الجواب نعم. هناك علة ظاهرة منضبطة مناسبة في وجوب الزكاة في الذهب والفضة وهي كونهما مالا قابلا للنماء. وعليه: فكل مال قابل للنماء ففيه زكاة، وكل مال غير قابل للنماء (بكونه قنية أو للاستخدام) فلا زكاة فيه. فمن كنز ذهبا أو أوراقا نقدية في صندوق فهي مال لا ينمو ولكنه قابل للنماء لو استثمر ففيه الزكاة. وكذلك الأرض البيضاء التي بجانب بيتي هي قابلة للنماء ببنائها بعكس منزلي الذي تم بناؤه وانقطعت إمكانية نموه. وأما الأرض التي في صحراء، فهي وان كانت مالا، فهي غير قابلة للنماء فلا زكاة فيها.
وهكذا، الزكاة واجبة في كل سلعة سواء كانت تنمى بكونها عروضا للتجارة أو أنها قابلة للنماء ولو ادعى صاحبها أنه لن يستثمرها، وذلك لاتحادها في علة الزكاة الذهب والفضة وتأخذ بذلك مقدارها ونصابها من الذهب والفضة. والأوراق النقدية هي مال قابل للنماء باستثماره ففيه زكاة الذهب والفضة والعلة منطبقة عليها منضبطة فيها. ولو تأملنا في نتائج هذا التأصيل لحكم الزكاة، لوجدناه متوافقا مع مصالح الناس منضبطا رغم المتغيرات والحوادث الحديثة من عدم اقتصار ثروات الناس في النقود. والمسكوت عنه اليوم أن هناك من يمشي في المجالس يهمس للناس بأن عدم جريان الربا في الأوراق النقدية بحجة زوال الثمنية عن الذهب والفضة يستلزم منه أن لا زكاة في الأوراق النقدية! وما درى المسكين أنه بقوله هذا قد أثبت الزكاة في الأوراق النقدية ومنعها في الذهب والفضة لزوال ثمنيتهما كما منعها في عروض التجارة لعدم كونها أثمانا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.