إن الكتابة عن تاريخ عمارة الحرم المكي الشريف شرف عظيم، وله قيمته القصوى، ومن ذلك كتاب (تاريخ عمارة الحرم المكي الشريف) للباحثة الدكتورة: فوزية حسين مطر. تقول المؤلفة عن سبب اختيارها لهذا الموضوع (تاريخ عمارة الحرم المكي الشريف) إلى نهاية العصر العباسي الأول: لأن البحث في تاريخ الحرم في هذه الفترة التاريخية يعتبر الأساس والمنطلق للوقوف على هذا المنجز الحضاري الذي يهم العالم الإسلامي كله، كما أن هذا البحث يربط الماضي بالحاضر وبالمستقبل أيضا، فالكعبة المشرفة تعتبر قبلة المسلمين الخالدة في مشارق الأرض ومغاربها منذ بدء الخليقة، فهم يتوجهون إليها في كل صلاة، وسيظلون كذلك إلى يوم القيامة إن شاء الله. أما بئر زمزم ومقام إبراهيم الخليل، وحجر إسماعيل -عليه السلام- وكلها أماكن تاريخية لا بد من التعرف على حقيقتها، ونحن أحق من غيرنا بأن نعرف تاريخ آثارنا الحية، والصادقة التي لا تزال ماثلة أمام أعيننا دون شك أو ريب...) (1) واحسب أن مثل هذا البحث جدير أن يستكمل حتى العصر الحديث، وتبين منجزات الدولة السعودية في ذلك؛ لأنها جبارة جدا، ولا تزال قائمة ومستمرة بإذن الله، وقد يكون حدث مثل هذا وإن لم يتناهى إلى علمي. تبدأ الباحثة بحثها بعد ذلك بخريطة توضح حدود الحرم المكي الشريف، وفي الصفحة التالية تكتب تحت عنوان: حدود الحرم المكي الشريف. حيث ذكرت هنا حدود الحرم، والمواقيت للإحرام، وما يحرم على المحرم، والحكمة من تحديد الحرم وجوه ذكرها الزركي، وحدود الحرم والمطاف، وتختم هذا المدخل لبحثها بصورة قديمة للحرم المكي توضح حدود المطاف، ثم تكتب تحت عنوان: (عمارة الكعبة المشرفة في الجاهلية) وتحته ثلاثة مباحث وهي: أولا: بناء الكعبة قبل إبراهيم -عليه السلام - وبناء آدم للكعبة المشرفة. ثانيا: عمارة الكعبة المشرفة في عهد إبراهيم الخليل. ثالثا: عمارة الكعبة المشرفة في عهد قريش. وبناء قصي بن كلاب للكعبة المشرفة. الكعبة المشرفة في عهد عبد المطلب. آخر عمارة للكعبة المشرفة في الجاهلية. ويحمد للباحثة هنا بحثها عن تاريخ عمارة الحرم منذ أقدم عصوره، وقد أفادت الباحثة من كتب التفسير والتاريخ، وكتب في العمارة. ثم تدلف الباحثة إلى الباب الأول وهو ثلاثة فصول، وهي: الفصل الأول: الكعبة المشرفة قبل البعثة النبوية، وللرسول -صلى الله عليه وسلم- دور فيها. الفصل الثاني: الكعبة المشرفة بعد البعثة النبوية. الفصل الثالث: الكعبة المشرفة بعد فتح مكة، وكسوة الكعبة. وتزود الباحثة بحثها بصورة لكسوة الكعبة من الوصائل اليمانية التي عملت منها كسوة الكعبة قبل الإسلام (وإن كانت غير واضحة). ثم الباب الثاني وفيه فصلان: الفصل الأول: عمارة الحرم المكي في عهد عمر بن الخطاب سنة 17ه. الفصل الثاني: زيادة عثمان بن عفان للحرم المكي سنة 26ه. الباب الثالث: الفصل الأول: عمارة عبد الله بن الزبير للكعبة المشرفة والحرم الشريف سنة 65ه. الفصل الثاني: عمارة الحجاج الثقفي للكعبة سنة 72 ه. الفصل الثالث: عمارة عبد الملك بن مروان للحرم المكي الشريف سنة 75ه. الفصل الرابع: زيادة الوليد بن عبد الملك بن مروان للحرم المكي الشريف سنة 91ه. وقد رجعت الباحثة في ذلك إلى مصادر التاريخ الأصيلة، وكتب الأعلام، وكتب الإمامة والسياسة. كما رجعت كذلك إلى المخطوطات التي ساعدتها في بحثها التاريخي الأصيل. الباب الرابع والأخير يشتمل على: الفصل الأول: زيادة أبو جعفر المنصور للحرم المكي الشريف سنة 137ه. الفصل الثاني: عمارة المهدي الأولى للحرم سنة 161ه. عمارة المهدي الثانية للحرم سنة 164ه. وأعمدة المسجد الحرام في عهد المهدي. وأبواب المسجد الحرام في عهد المهدي. وكسوة الكعبة المشرفة في العصر العباسي. زودت الباحثة هذا الباب بالصور لأعمدة الحرم مكتوب عليها آيات قرآنية، وخريطة لأبواب الحرم في عهد المهدي. ثم تختم مطر بذكر الجديد في هذا البحث، وما أنجزته فيه؛ فتقول: (أما الجديد في البحث هنا فهو ما ذكرته عن بعض أقوال المستشرقين الذين ينكرون على العرب فن العمارة، رغم الثراء المعماري الذي كان بالجزيرة العربية..)، وذكرت روايات المستشرقين عن كراهية الرسول -صلى الله عليه وسلم - للبناء، وأثبتت لهم العكس، وتتحدث في الخاتمة عن أبواب بحثها وفصوله، وما أنجزته في كل منها. ثم تذيل بحثها بقائمة المصادر والمراجع وهي: أولا: القرآن الكريم. ثانيا: قائمة المخطوطات. ثالثا: قائمة المصادر والمراجع العربية المطبوعة، وتنوعت بين كتب الرحلات، والعمارة، واللغة، والأدب، والتفسير، والفقه، والأدب، والسيرة النبوية، والمناسك، والاجتماع، والجغرافية، وكتب غير عربية مترجمة، وكتب الأعلام، وغيرها؛ مما يعني عناية الباحثة فوزية حسين مطر ببحثها ليخرج في حلة بهيجة، وديباجة جميلة؛ فكان لها ذلك. هذه القراءة أردت منها الإشارة إلى هذا البحث لمن له اهتمام بمثل هذا المجال، وكنت أتمنى لو استكمل البحث ليشمل عمارة الحرم في عهد المماليك، والدولة العثمانية، ومن ثم الحكم السعودي الماجد، ولهذا البحث باحثوه، وهم من نعول عليهم في ذلك، وتقبلوا تحياتي. (1) تاريخ عمارة الحرم المكي الشريف إلى نهاية العصر العباسي الأول، الدكتورة فوزية حسين مطر، (الطبعة الثانية: 1423ه، 2002م)، ص 13. [email protected]