المحرر: يتابع الأستاذ الخيال في الحلقة الثانية هذا الأسبوع حديثه عن الجواء الوارد في معلقة عنترة الشهيرة: 4 - تعريف المتثلم: قال الشيخ سعد بن جنيدل في (معجم أماكن المعلقات العشر) ما مختصره: (قال عنترة): وَتَحُلُّ عَبْلَةُ بِالْجِوَاءِ وَأَهْلُنَا بِالْحَزْنِ فَالصَمَّانِ فَالْمُتَثَلَّمِ وقال زهير في معلقته: أمن أم أوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج فالمتثلم قال ياقوت: والمتثلم موضع في أول أرض الصمان في قول عنترة العبسي:.... بالحزن فالصمان فالمتثلم...........) انتهى وأضاف بن جنيدل: (أما شعر زهير فإنه يوحي بقربه(أي المتثلم) من (حومانة الدراج)،... وعرف الحومانة بما مختصره:).... وقال أبو منصور: وردت ركية واسعة في جو واسع يلي طرفا من أطراف الدو، يقال لها الحومانة. وقال خرشي (حفيد كعب بن زهير): إن حومانة الدراج في منقطع رمل الثعلبية متصلة بالحزن من بلاد بني أسد، عن يسار من خرج يريد مكة.... وقال الحربي في حديثه عن طريق الحج من البصرة: ثم يأخذ في الحزن على مياه كانت متصلة، منها الوقبا،... ثم يؤخذ في الحزن على مياه يقال لها: القيصومة، وقنة، وحومانة الدراج....) انتهى 5 - تعريف عنيزتين: حيث إن مسمى عنيزة يطلق على أماكن عديدة في بلاد العرب فسوف نتحرى موقع (عنيزتين) بالقرب من الحزن واللوى، شمال وادي الباطن. قال الشاعر: تراءت له بين اللوى وعنيزة وبين الشجي مما أحال على الوادي وفي (معجم مااستعجم): (عنيزة على لفظ التصغير: قارة سوداء في بطن وادي فلج من ديار بني تميم، وذلك الوادي يسمى الشجي، والشجي سمي بذلك لأنه شجي بعنيزة، صارت في وسطه.) انتهى 6 - تعريف العيلم أو الغيلم: اسم لمورد ماء عد قديم ذكر في قصيدة طويلة جميلة مفعمة بالحنين موزونة على الطرق الهلالي يتوجد فيها الشاعر على ديارهم ومرابعهم في نجد حيث قال: رحلنا ولا ابقينا بنجد حسوفه سوى عيلم بين اللوى وزرود وبهذا أخبرنا الشاعر عن موقع هذا العيلم شمال الدهناء بالقرب من حزن بني يربوع، غرب اللوى وشرق زرود، وأشاد بغزارة هذا العد، حيث قال: ألفين ورد الماء وألفين صدره وألفين مابين العدام ورود لازاد ورده زاد مياح جمه عد إلى حرك تراه يزود 7 - جو ذي العشيرة: قال الأستاذ الشبانات في كتاب (الصمان) عن جو ذي العشيرة (جو عشري): (من أشهر وأكبر أجواء الصمان وأطيبها مرعى، ومسماه غير حديث فقد ورد ذكره في الشعر القديم. وينسب إلى شجرة العشر المعروفة. قال عنترة العبسي: صعل يعود (بذي العشيرة) بيضة كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم وقال أحد شعراء تميم: قد قلت يوم اللوى من بطن (ذي عشر) لصاحبي وقد أسمعت ما فعلا وقد ذكره جرير في عدة مواضع من شعره منها: أجد اليوم جيرتك ارتحالا ولا تهوى (بذي العشر) الزيالا قفا عوجا على دمن برهبى فحيوا رسمهن وإن أحالا .... فهذه هي بعض الشواهد الشعرية التي قيلت في جو (ذي العشيرة) وتدل على طيب مرعاه وخصوبة أرضه وقربه من موارد الماء؛ فهو يتوسط ما بين منهل القرعاء ومنهل اللصافة. وقد قال صاحب «صحيح الأخبار» في فصل التعريف بالفارس عنترة العبسي (وذكر ذا العشيرة وهو جو في الصمان يقال له الآن جو عشري). ثم قال ابن بليهد رحمه الله تعالى في موقع آخر من كتابه «صحيح الأخبار»: (ثم إني أطلت بعد ذلك البحث والتحقيق والسؤال والتدقيق فاهتديت إلى ذي العشيرة وهو جو عظيم في الصمان كثير الأشجار والنبات، يقال له اليوم جو عشري معروف عند عامة أهل نجد بهذا الاسم ويقع غربي اللصافة عنها مسافة يوم)). انتهى. وفي الختام، لعلي أستميح العذر من أي قارئ كريم من ذوي الرأي أو العاطفة البلدانية المسبقة، وأطلب منه التكرم بقراءة التحقيق بأناة وحلم ونظرة علمية متأنية وبذائقة شعرية راقية. فكلنا أبناء هذه الجزيرة العربية وأحفاد لتلك القبائل اللاتي أتحفنا شعرائها بديوان للعرب أودعوه قصائدهم ولحن خالد على مر العصور. كما أحمد الله الذي يسر هذا التحقيق، حيث إن من واجبنا نحن أبناء الجزيرة العربية مواصلة مسيرة التحقيقات البلدانية عرفانا لجهود روادنا الأوائل، وذلك للتعرف على تلك الأماكن الغالية على أنفسنا المنتشرة في أنحاء هذه الأرض السعيدة المباركة التي نيطت بها تمائمنا وغذت نفوسنا وصقلت معارفنا. المراجع: 1- المعجم الجغرافي المنطقة الشرقية- حمد الجاسر. 2- بلاد العرب- لغدة الإصفهاني. 3- كتاب الصمان- سعد الشبانات. 4- معجم البلدان- ياقوت الحموي. 5- معجم أماكن المعلقات العشر- سعد بن جنيدل. 6- معجم ما استعجم - أبو عبيد البكري.