التاريخ في المملكة العربية السعودية قد سجل يوم العشرين من شعبان في العام 1402ه كبداية للمسيرة الإنمائية والنهضة الحضارية التي شهدتها الدولة. حيث دفعت بها إلى مكانة متقدمة بين الدول ووفرت لأبنائها مجتمعاً آمناً مستقراً ينعم بالخير والرفاهية.. وقيادة راعي نهضتنا مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الذي تسلم مقاليد الحكم في ذلك اليوم التاريخي هي التي جعلت هذه الإنجازات تشمل كافة ميادين الحياة حيث امتدت من الصعيد الخارجي استطاعت الدولة الفتية أن تشق طريقها للنهوض بالوطن وتعزز مكانته ودوره الريادي المنشود. وقد انطلقت المملكة العربية السعودية بفضل القيادة المتميزة إلى آفاق رحبة خليجياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً. في مثل هذا اليوم من عام 1402ه بدأ فجر جديد يلوح في الأفق، وبدأت خيط اشراقته الذهبية تمتد على أرض المملكة العربية السعودية. وفي مثل هذا اليوم بدأت الأحلام التي كانت مرسومة في قلب هذا القائد المخلص الوفي تتحقق فوق ثرى هذه الأرض الطيبة. ولقد عمت الفرحة وانتشرت البشرى بين أفراد شعب المملكة العربية السعودية بتولي مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله مقاليد الحكم في المملكة. عندما تسلم الربان الماهر قيادة السفينة ليتوجه بها نحو بر الأمان قاطعاً على نفسه العهد والميثاق أمام الله أن يكون نعم الراعي ونعم القائد ونعم الأب لكل صغير والأخ لكل كبير حيث الجميع هلل وكبر بالقائد الماهر الذي يعرفه الجميع بالتضحية والفداء والإخلاص والوفاء حتى غدا اسمه على كل لسان. ونحن إذ نحتفل بهذه المناسبة المباركة نبتهل إلى الله سبحانه وتعالى أن يطيل في عمر مليكنا الغالي ويمده بموفور الصحة والعافية والنشاط ويبقيه ذخراً لأبناء وطننا وللأمة العربية والإسلامية.. نعم من حق كل مواطن أن يفاخر ويعانق الفرح وهو يرى العالم من حوله يتابع بانبهار واحترام بلاده الحضارية ومكانتها المتميزة على الساحتين العربية والدولية. فالواقع والحقائق على الأرض والأعمال الفذة والإنجزات العملاقة تشهد بلا مبالغة أن القائد أوفى بوعده وعهده منذ أن تمت مبايعته من أبناء الشعب الذي يدرك تماماً أن الحكم ليس ترفاً بل مسؤولية ضخمة وأمانة كبرى تتطلب بذل العطاء السخي وعصارة الجهد والعرق من أجل النهوض بالوطن وإعلاء شأنه بين الأمم على الدوام. وعلى مدى العشرين عاماً عايش فهد الخير كل ما يتعلق بحياة شعبه.. بعيداً عن الشعارات البراقة والكلمات الجوفاء مطلقاً العنان للغة الجد والعمل والإنتاج والاجتهاد تتحدث عن أعماله وإنجازاته. ولقد لعب مولاي خادم الحرمين الشريفين دوراً بارزاً وفاعلاً في مجرى الأحداث والتحولات التي قادت إلى قيام تجربة وحدوية فريدة في منطقة الخليج استطاعت أن تشق طريقها في ظل قيادة حكيمة واعية عملت على النهوض بالوطن وتعزيز مكانته ودوره عربياً وعالمياً. ولاشك أن الأدوار المتميزة لمولاي خادم الحرمين الشريفين لم تقتصر على المملكة فحسب فقد كان خادم الحرمين الشريفين من رواد دعم مسيرة مجلس التعاون الخليجي والقيام بدور فاعل في بلورة هذا الصرح الوحدوي الخليجي منذ انطلاقته من ابو ظبي وكان لخادم الحرمين الشريفين دائماً مواقفه الأصيلة في الأزمات والمحن التي واجهت المنطقة وتطلبت التآزر والتلاحم من الأشقاء وفي الواقع فإن قيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين قادت الدولة إلى مرتبة حضارية راقية مقرونة بخط سياسي قومي يتفاعل مع قضايا الأمة العربية بمسؤولية وحكمة. فهو حكيم العرب الذي يحمل همومهم جميعاً ويمثل الصوت العربي الصادق والمرجعية التي يحتكم إليها العرب عندما تحل بهم المحن. وفي عهده الميمون كانت المملكة العربية السعودية هي العامل المشترك للأطراف العربية كافة في رغبتها للتعاون مع جميع الدول على أساس المبادئ ونصرة القضايا العادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى واحترام استقلالها وسيادتها ورفض احتلال أراضي الغير والاستيلاء عليها بالقوة، وفق دعوات دائمة إلى التقارب والتآزر واستعادة التضامن العربي.. فخادم الحرمين الشريفين حفظه الله له أيادٍ بيضاء تجاه العمل العربي المشترك وله مواقفه وثوابته التي سيسجلها التاريخ له بأحرف من نور. أما على الصعيد الدولي فإن المملكة لعبت دوراً إيجابياً ومميزاً بفضل حكمة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله وحرصه على إقامة علاقات نموذجية مع بلدان العالم كافة على قاعدة الاحترام المتبادل وبما يحقق المصالح المشتركة. وعلى المستوى الاقتصادي فالإنجازات شاهد في كل مكان، وإن توزيع الثروة النفطية كانت له نظم وقواعد محدودة لدى خادم الحرمين الشريفين حيث وضع نظاماً لتوزيعها واستثمارها سليما كما جاءت انفتاحاً اقتصاديا ورخاء ورفاهية وإنجازات حضارية يشهد لها العالم بأسره، حيث أصبحت المملكة في فترة زمنية قصيرة بحساب الزمن تتمتع باقتصاد قوي ومتنوع استطاع أن يخرج من بوتقة الاعتماد الكلي على النفط والدخول في مجالات إنتاجية وخدمية وسياحية وتجارية عديدة ليوفر للمواطن السعودي سبل العيش المستقر والرغيد وفق انتاح اقتصادي لا يخشى دعوات العولمة وتغير القوى الاقتصادية عالمياً. وهناك إجماع بين خبراء العالم على أن المملكة العربية السعودية، قد شهدت نهضة حضارية ليس لها مثيل في دول العالم الثالث، وأن هذه النهضة الحضارية قد مست كل جوانب الحياة فيها وقد حدثت في فترة وجيزة لا تعد في عمر الشعوب والدول شيئاً مذكوراً، وأن ما حدث في المملكة هو إعجاز بكل المقاييس، فلا يصدق أحد أن كل الإنجازات التي تحققت على أرض المملكة، قد تحققت في عقدين. وأن التطورات المذهلة التي شهدتها المملكة ليست تطورات في المباني والمنشآت وحسب وإنما هي تطورات شملت الإنسان والأرض معا، وأنها تطورات استندت إلى العلم وإلى تكنولوجيا العصر ونفذتها ثروات مادية هائلة، ورعتها الأيدي والعقول السعودية، وكانت إعجازاً لفت أنظار العالم كله! ويعد مشروع خادم الحرمين الشريفين أهم إنجازات الملك فهد الذي قصد به توسعة الحرمين لاستيعاب أكثر من مليون مصلٍّ في الحرم المكي، وفي الحرم المدني بالإضافة إلى حركة التعمير والإنشاء بالحرمين للعمل على راحة الحجاج وفي المجال الإسلامي الخارجي كان للملك فهد عناية واهتمام خاص بقضايا المسلمين في العالم العربي وخارجه، هذا غير عنايته بتوزيع المصحف الشريف على المسلمين في أغلب بلدان المعمورة وجهوده في نصرة المسلمين. والحمد لله على نعمة الأمن الذي ينتشر في ربوع المملكة على اتساع رقعتها، ومملكتنا تعد الدولة الأولى في العالم انخفاضا في نسبة الجريمة والتمسك بالعقيدة الإسلامية وعدم التخلي عنها وعن مبادئها تحت أي ظرف من الظروف، الأمر الذي كان له كبير الأثر فيما تحقق وما تم إنجازه مسايرة للعصر واستيعاباً لعلومه وتقنياته. ولهذا كان منطقياً والحالة هذه أن نسمع عن مشاركة المملكة في رحلات الفضاء، وأن تقرأ عن مساهمة المملكة في اكتشاف مجاهل القطب الجنوبي للكرة الأرضية وأن يشاهد من يزور المملكة كيف تستخدم الطاقة الشمسية في العديد من المشروعات وهي الدولة البترولية التي تتصدر الدول البترولية إنتاجاً واحتياطياً، وعن المارد العملاق الذي نشأ صناعيا في المملكة إذ لم يتصور أحد أن تصبح مارداً صناعياً عملاقاً يصدر البتروكيماويات إلى معاقل الصناعة في الدول الصناعية وأن تكون هناك قلعتان صناعيتان ملأت شهرتهما الآفاق. وكذلك مدينة الرياض التي حظيت كغيرها من مدن المملكة بمعطيات خطط التنمية في عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين فنفذت فيها الكثير من مشاريع الطرق والحدائق والتشجير والمباني الضخمة والعملاقة وجلبت لها المياه من الخليج العربي وعمت فيها شبكات الكهرباء والهاتف وقامت بها نهضة علمية وصحية ونفذت بها العديد من المشروعات الاقتصادية الضخمة حتى أضحت مجتمعاً يعايش التطور ويساير الركب ويستوعب كل ما في العصر من تقنية متقدمة حتى أصبحت عاصمة الثقافة العربية بحق واقتدار. ويحسب لمولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله نقطة إنسانية مهمة وهي أن ثروات البلد لم تتوقف على شعب المملكة ولكنها شملت دولاً عربية وإسلامية وعالمية أيضاً فقد ساعدت المملكة الكثير من الدول التي تحتاج إلى مساعدات عاجلة في الملمات والكوارث كما قدمت مساعدات طويلة الأجل من خلال المنح والهبات والمساعدات كل ذلك لأنها تعرف دورها القيادي الذي تضطلع به. وقد عمل مولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله على رعاية الثروة البشرية وأدرك أهمية تنمية الإنسان باعتباره الثروة الحقيقية وأهم ما في الحياة وفي هذا الإطار بدأ الاهتمام بخدمات العلم ولا سيما أن خبرته الطويلة في تقلد وزارة المعارف قد ساعدته على تلك المنجزات العظيمة الواضحة للجميع فازداد عدد المدارس، والكليات والجامعات ومدارس البنات، وازداد كذلك عدد المبتعثين للخارج للحصول على الخبرة والتخصصات النادرة. وكذلك الاهتمام بالصحة والمستوى المعيشي للفرد في المملكة وبدأت التنمية الاجتماعية والثقافية للمواطن السعودي التي مكنته من الثبات أمام التيارات الثقافية المختلفة والتي أرسى دعائمها مولاي خادم الحرمين الشريفين في إطار حرصه على الأخلاق والتمسك بالعادات والتقاليد الأصيلة والهوية الإسلامية، فأصبحت المملكة في عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين حجراً مهماً في الكيان العربي والإسلامي من خلال تمسكها بالقيم والأخلاق واللغة والدين والقيم الاجتماعية والتراث العريق المتوارث عن السلف الصالح والرعيل الأول لأمة التوحيد. واليوم ونحن على مشارف إطلالة جديدة من سنوات الازدهار نقول لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز والنائب الثاني سيدي سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظهم الله جميعاً سيروا على بركة الله في مسيرة العمل الدؤوب والعطاء المثمر الميمون. والله يرعاكم ويسدد خطاكم ويوفقكم دائماً لما فيه الخير والصلاح للإسلام والمسلمين.