أخلاقيات الطب أو آداب الطب جزء من الأخلاقيات يبحث مشكلات تعامل الأطباء مع المرضى ومع زملائهم من الأطباء؛ وهي مجموعة من القوانين واللوائح والأخلاقيات المتعارف عليها طبيا خلال ممارسة مهنة التطبيب وهي أخلاقيات وقيم تم اكتسابها وتبنيها من قبل الهيئات الطبية على مدار تاريخ الطب واستنادا لقيم دينية وفلسفية وأخلاقية وقانونية. أن أهمية مهنة الطب تكمن في اختصاص هذا العلم الضروري للإنسانية وامتهان مهنته ببذل المجهود للحفاظ على حياة الإنسان الكريمة مما يحدق بها من المخاطر، والحفاظ على وجوده وإنقاذه مما يتهدده ويفتك به من الأوبئة والأمراض. لكل مهنة أخلاقياتها ومن الضروري الالتزام بها من قبل الممارس ولا يكتمل الأداء المهني إلا بها ومن هذه المهن، الطب، والطبابة، التي تعد في مقدمة المهن التي لها أخلاقيات صارمة منذ الأزل حيث كان التطبيب يقوم على أساس الربط بين المرض والمتغيرات التي تطرأ على الطبيعة وحركة الأجرام السماوية عن طريق الربط بين المرض والعوامل البيئية والطبيعية ومتغيراتها المختلفة وقامت تقاليد ممارسة مهنة الطب لدى العرب قديما أيضاً على مزيج مما توارثه العرب من تقاليدهم العربية الأصيلة ومما نقلوه عن الأمم السابقة. وبصورة عامة فإن الأسس الأخلاقية في ممارسة المهنة الطبية في الدولة الإسلامية كانت تقوم على التالي: - التقاليد العربية بما تتضمنه من أخلاقيات. - التقاليد الطبية المنقولة من الحضارات السابقة. - تحكيم المبادئ الدينية والقيم الإسلامية في العلاقة بين الأفراد وبعض النظم الخاصة بإدارة الدولة الإسلامية. - بالإضافة إلى حث الإسلام على العلم وطلبه والسعي إليه. إن مهنة الطب والعلاج مهنة إنسانية أخلاقية بدرجة أولى لذا كان ارتباطها الشديد بفئة اجتماعية معينة من الممارسين عبر العصور كونها تسمو أخلاقياً ومهنياً عن بقية المهن إذ ارتبطت بأصحاب الحكمة والفلاسفة «الحكماء». ومع وجود الأديان ما قبل السماوية كان الكهان وسدنة المعابد، أو الوسطاء بين الإنسان صاحب المرض والإله صاحب الشفاء، لذا ظلت حكراً على مجموعة معينة من الأفراد حفاظاً على أخلاقياتها، ولم تكن الأديان السماوية بعيدةً عن الإعجاز الرباني والبرهان الإلهي على صدق الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم، إلا دليلاً آخر على سمو مهنة الطبابة ليس عند أصحاب المرض وممارسي العلاج، وإنما المرض والشفاء «بيد الله سبحانه وتعالى فهو الشافي والكافي» لذلك كانت أحد معجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم القدرة على شفاء أصعب الأمراض بإذن الله. وهي من المهن التي رفعت شأن الأطباء وأعطتهم مكانة اجتماعية عالية داخل المجتمع واحتل الممارسون للمهنة مراكز عالية في الدولة، إن الأطباء يشكلون قمة الهرم الاجتماعي، والأطباء الأكفاء أكثر تشريفاً ويدفع لهم بسخاء، حيث يتم تبادلهم بين الحكام من مدينة لأخرى كنوع من المجاملة. ويشكل الأطباء جزءاً من النخبة في مجتمع اتسمت فيه الطبقات المختلفة بالتحديد الشديد، حيث يجاورون كبار مسئولي الدولة. وفي عصر الدولة الأموية والعباسية وقرب العديد منهم من الخلفاء والحكام، واستعانوا بهم في التطبيب بعيداً عن الانتماء الديني للطبيب. فقد تمتع العديد من الأطباء اليهود والمسيحيين بمكانة عالية داخل الدولة الإسلامية وفي مختلف العصور، ووصل ممارسو الطب إلى أعلى مراتب الحكم في الدولة «وزراء، رؤساء دواوين، أطباء خصوصيون للملك». وكان للتشجيع الذي لقيه الأطباء من الخلفاء والأمراء أثر بالغ في بروزهم فهم يستحقون من الجميع التقدير والإكرام والاحترام إذا هم أخلصوا في مهنهم. وفي ذلك يقول الإمام الشافعي رحمه الله: إن المعلم والطبيب كلاهما لا ينصحان إذا هما لم يكرما فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه واصبر لجهلك إن جفوت معلما