بالرغم من رفع صندوق التنمية العقارية الحد الأعلى للقرض السكني إلى 500 ألف ريال، ما زالت مشكلة المُسجلين في قائمة انتظار القروض، والمستحقين لها قائمة؛ بل ربما زاد حجمها بعد قرارات التنظيم، و الدعم الأخيرة التي وجهت لقطاع الإسكان. فأسعار مواد البناء، وتكلفة الإنشاء، وقيمة الشقق المتوافقة مع متطلبات القرض العقاري تضخمت بشكل لافت، وتسببت في خفض مجمل المنفعة المُحصلة من القرض الجديد. هناك مشكلة أخرى يواجهها المستحقون الذين تصرفوا في أراضيهم بعد يأسهم من الحصول على القرض، وأصبحوا اليوم غير قادرين على شراء أرض أخرى لعدم امتلاكهم المال الكافي، إضافة إلى تضخم تكلفة العقار التي تحد فاعلية التمويل المُساند. قائمة الإنتظار الطويلة تحتاج إلى ضخ مزيد من الأموال في صندوق التنمية، ولعله من المناسب توجيه فوائض الميزانية الحالية لدعم ميزانية الصندوق للإسهام في تقليص قائمة الانتظار الطويلة. الحلول التقليدية لم تعد مناسبة لمعالجة أزمة السكن، والأموال الضخمة قد لا تصنع المعجزات في غياب الفكر التطويري القادر على توفير السكن المناسب لجميع شرائح المجتمع. والمتتبع لأخبار صندوق التنمية العقارية يلحظ إنفراجا نسبيا في الدفعات، إلا أنها تبقى عاجزة عن سد احتياجات المستحقين، والإيفاء برغبات المنتظرين لعقود طويلة؛ ومن هنا أعتقد أن إجراء صندوق التنمية تغييراً في سياسته التمويلية المباشرة أمرا مهما لمساعدة المقترضين. استبدال القروض السكنية بمنازل جاهزة قد تكون أحد الحلول المتاحة، والمُحققة للمنفعة الكلية للمستحقين. من المفترض أن تكون هناك شراكة بين وزارة الإسكان، وصندوق التنمية العقارية تسمح بإعادة هيكلة الصندوق وتبادل المنافع للإسهام في القضاء على أزمة السكن. يمكن لوزارة الإسكان أن تخصص منازل جاهزة من مشروعاتها الجديدة للمستحقين المُعلنة أسمائهم في دفعات الصندوق الأخيرة، والذين لا يمتلكون الأرض التي تؤهلهم لصرف القرض المستحق؛ أو أن تقوم بالبناء نيابة عن مالك الأرض المستحق للقرض العقاري بدلا من تسليمه مبلغ القرض الذي قد لا يؤهله لاستكمال بناء المنزل. يمكن لوزارة الإسكان أن تسهم في وضع تصاميم جديدة لمنازل إقتصادية تتراوح بين 250 و 500 ألف ريال بحسب المساحة، وأن تعقد شراكات مع شركات عالمية قادرة على تنفيذ المساكن العصرية المبتكرة في وقت قصير نسبيا، ووفق المواصفات العالمية، وبالتكلفة المناسبة التي يتم تغطيتها من الصندوق العقاري. وجود شركات بناء عالمية متخصصة و مرتبطة بعقود وشراكة إستراتيجية مع وزارة الإسكان سيسهم في التعجيل بعمليات البناء، وفق المواصفات الآمنة، وسيساعد المقترضين على استكمال البناء دون عقبات، وسيعالج المشكلات الناجمة عن محدودية القرض، مقارنة بالتكلفة الحقيقية، والقدرة على التنفيذ؛ في الوقت الذي سيسهم فيه الدعم الإضافي للصندوق في التعجيل بإصدار القروض وتلبية الطلبات المتراكمة. توفير المسكن الملائم لمستحقي القروض العقارية يبقى الخيار الأمثل للمستفيدين من خدمات صندوق التنمية العقارية، وهذا يقودنا إلى خيار «المُدن السكنية» التي يمكن أن تكون أحد الحلول النموذجية لأزمة السكن، ومشكلة المقترضين مع استغلال مبلغ القرض، أو مشكلة عدم توفر الأرض بالنسبة للمستحقين.