دنيا ساكنة تحمل في جوفها الكثير.. صحيح هنالك مثل يقول: احذر الحليم إذا غضب.. تعني أن في جوف كل إنسان بركانًا ينفجر وفي جوف الأرض غموض.. كل إنسان يخلق بداية لا يعرف ما يتواجد في دنياه أشبه بفتى يقف حائراً لسؤال لم يعرف إجابته.. هكذا بداية خلق الإنسان لا يعرف ما وراء هذه الدنيا وما تخبئه من أقدار وهي أشبه بالغموض لديه وكأنما يحاول تحليل شخصية مهمة.. ففي كل مرة يعلم أسرار دنياه، فبذلك يكون وكأنما عرف صفة من صفات هذا الشخص.. اسمي فيصل.. شاب في عمر الزهور. بداية قصتي دخلت المرحلة الابتدائية ويا فرحتي بذلك فكم كنت أحلم ببناء مستقبلي، حينها كنت طفلاً.. كان همي أن أركض هنا وهناك وأسلي نفسي، رأيت في أحد الأيام وأنا ألعب مع رفاقي طفلاً مستلقياً على الأرض.. هرعت لأنظر ما به فما رأيته إلا يتألم، حزنت لمنظره كنت أود مساعدته ولكن ليس لدي القدرة. أتى المعلمون وأخذوا ذلك الصبي.. جلست حينها أفكر به. في الغد عندما أنهى المدرس شرحه سألته ببراءة الأطفال عن ذلك الصبي.. فأجابني: إنه بخير والأطباء يعتنون به -سألته: لماذا لا يمكنني أيضاً مساعدته؟ فأجابني: بأنها مهنة الأطباء وهم المختصون بذلك، بدأ المدرس الحديث عن الأطباء، أعجبتني مهنتهم وبدأت بناء مستقبلي كطبيب. كبرت ودخلت المرحلة المتوسطة.. رأيت العجب عند إقبالي لتلك المرحلة.. رأيت أشياء لم أعهد رؤيتها، وهناك من كان يحثني على شرب الدخان وغيرها.. جاهدت نفسي خلال تلك الثلاث.. أقبلت على المرحلة الثانوية، كنت حينها لم أستقر حتى الآن على صديق، فالكل أصدقائي. ولم يكن أحدهم قريبًا.. جاء ذلك اليوم الذي لم أعهده من قبل شخص يحدثني وهو معجب بي ويود مصادقتي.. رحبت بذلك وقبلته، وكان يقول لي بأنه سيكون من أوفى أصحابي.. من هنا بدأت قصتي. تعلقت بذلك الشاب أحببته لما رأيت من حب يكنه لي، مرت الأيام وأنا يوماً بعد يوم أتعلق به وأكتشف به ما يعجبني.. حتى أتى ذلك اليوم الذي قام بدعوتي لمنزله كالعادة ولكن كان الأمر مختلفاً بعض الشيء.. فهنالك من حضر غيري، لم أعجب بهم في بداية الأمر.. صمت وأنا أنتظر وقت رحيلي، جلست أستمع لهم ولم أشاركهم لأنه وبكل صراحة لم يعجبني حديثهم. دخل علينا زميلي ومن عادته حب المزاح، بدأ بسكب الشاي على الأكواب وقام بتقديمه، بدأت أرتشف ببطء وأنا أنتظر وقت رحيلي بفارغ الصبر.. عند انتهائي من شربه أحسست بالنشاط.. جلست هنالك وقد بدأت بالانسجام معهم لم أعلم ماذا حدث! بعدها وجدت نفسي مستلقياً على المجلس وما زلت في بيت صديقي عندما نظرت حولي وجدت الجميع لم يرحلوا.. عندما نهضوا بعدي بقليل قاموا بالضحك والتعليق على تلك المزحة وإنما كانت مزحة من صديقي بوضع ذلك السم الأبيض في الشاي.. وفي بداية الأمر لم تعجبني تلك المزحة ومن بعدها بأيام طلبنا منه إعادتها.. من هنا بدأ ضياعي. بدأنا بالعيش على هذا المنوال.. أهملت دراستي فضاع مستقبلي وحلمي بعدما كنت مجتهداً للحصول عليه.. بدأت حياتي بالتدهور من أسوأ لأسوأ.. تركت الصلاة وغيرها من الأمور الدينية بعدما كنت محافظاً أشد المحافظة عليها.. ومن بعدها تركت دراستي لأني وبالمعنى الأصح طردت لكثرة تغيبي من دون سبب.. عشت أسوأ أيام حياتي، كنت أظن أن هذه سعادتي، لم أعلم أنها دار الهلاك.. تدخين وكنت أدخن، مخدرات وأصبحت أحد مروجيها، معاكسات وكنت ماهراً بها، أغاني ومن مدمنيها والكثير من المعاصي.. صحوت في ذلك اليوم وعندما هممت بالخروج فتحت باب سيارتي ورفعت بصري فإذا بي أرى فتاة تخرج من المنزل المقابل لمنزلي متسترة لم يظهر منها ما يفتنني، لحقتها وأحببت معاكستها ولم تلقِ لي بالاً.. عزمت يومها على معاكستها ولو بالمستحيل.. ذهبت لرفاقي وأخبرتهم بها.. فنصحوني بتلك النصيحة، بداية رفضت وبشدة. ومع إصرارها يوماً بعد يوم أعجبت بتلك الفكرة والعياذ بالله وعزمت على فعلها.. بداية بدأت بالسؤال عن تلك الفتاة وجلبت معلومات عنها. فما علمت سوى أنها «فتاة محافظة حافظة لكتاب الله» والكثير من المعلومات التي لم تعجبني ولم تفِدني لأني وقتها لا أحب النوع المحافظ من الفتيات.. بدأت بمضايقتها وتهديدها ولم ينفع كل ذلك.. أزعجها ليلاً ونهاراً برنين هاتفها ولا تلقي لي بالاً وقتها عزمت وبشدة على تنفيذ رغبتي. ذهبت ذلك اليوم بانتظار فريستي عند خروجها قمت بسحبها ولم أهتم بترجيها وإغرائها لي بالمال.. ذهبت للمكان الذي جهزته لفريستي، أدخلتها وفعلت أشنع عمل لا يرضاه الله.. سلبت من تلك الفتاة أشرف ما تعتز به. عند انتهائي رميتها حيث وجدتها وكأنني لم أعمل حينها شيئا.. عدت لدار الهلاك «رفاقي» حكيت لهم ما فعلت وقد افتخروا بي، فرحت حينها أنني وقد كبرت بأعينهم عند عودتي للمنزل لم أستطع النوم.. عذرت نفسي بأنني ولأول مرة أعمل ذلك العمل الشنيع.. مرت الأيام وأنا في كل يوم أتدهور من جميع النواحي، مالي وقد ضاع وراء المسكرات ونفسي وقد تاهت.. ذلك اليوم كنت بحاجة ماسة للمال.. ذهبت لرفاقي طلبت منهم المعونة ولم يعِرْني أحد اهتمامه بل طردوني. لم أتوقع منهم كل هذا.. نظرت إلى صديقي وإذا به لا يلقي لي بالاً عدت لمنزلي وهممت بالنوم وإذا بي أحلم ذلك الحلم.. وهو أنني كنت أسير في الرصيف المؤدي لمنزلي.. وإذا فتاة تمر بجانبي.. ونفس الفتاة التي اغتصبتها وإذا بي أسمعها توجه لي حديثها.. وتقول: «دمر الله حياتك مثلما دمرت حياتي». صحوت مفزوعاً.. لم يغب ذلك الحلم عن مخيلتي يومها.. أحسست يومها بضيق يخنقني.. ذهبت أسلي نفسي وإذا بي أفتح هاتفي لتسلية نفسي.. سقطت عيني على تلك الرسالة.. التي قلبت حالي وإذا بي أرى رسالة من أحد أصحابي كتب فيها معلومات تلك الفتاة.. ولكن ما هزني تلك الكلمات التي لم آبه بها يومها. «حافظة لكتاب الله» فكرت في نفسي وكيف أن يوم الحساب سيقول لي ربي: «بأي حق فعلتها بحافظة كتابي؟» فكرت بالعذاب وبكل شيء سيلحق بي فما فعلتي كانت إلا أن دمرت أطهر فتاة.. بكيت ليتها، وتوضأت ويومها لم أتوضأ بالشكل المطلوب فلم أعرف كيفية ترتيبها.. سجدت سجدتي الأولى من بعد ضياع 5 سنوات.. بكيت ودعوت الله أن يغفر لي ويكتب لي الخير.. فتحت كتاب الله وإذا بي أصل للآية {إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} فكم كان رحيمًا بي.. عصيته وتجاهلته وإذا بي أعود وأقرأ إنه غفور رحيم.. أُرهقت ليلتها فإذا بي صحوت وأنا ما زلت مستلقياً في سجادتي.. عند صحوتي سمعت النداء لصلاة الفجر.. ذهبت لأصلي وقد استغرب الحاضرون وجودي.. دعوا الله لي بالثبات، فتذكرت رفاقي فما أكبر الفرق بين هذه القلوب.. قلوب لا تعرفني وتتمنى لي الخير وتدعو لي.. وقلوب تعرفني أكثر من نفسي وفي كل يوم تتمنى لي المزيد من الضياع.. بعد الفراغ من صلاتي وجدت أن قدماي تقودني لذلك المنزل.. وجدت والد تلك الفتاة أمامي إذا بي أطلب محادثته عصر اليوم رحب بي.. ذهبت عصر اليوم إليه وإذا به يستقبلني أجمل استقبال، خجلت من نفسي ومن أفعالي.. بعد الحديث والسؤال عن الحال.. قمت بقول ما أنا قادم من أجله. طلبت منه ابنته مع إخباره بما عملت، وإنما أحببت إصلاح عملي.. بداية لم يعجبه الأمر ولا ابنته.. بعدها بأيام عاودت طلبي أياماً عديدة وأخيراً لم يرفض ذلك ولكن.. صبرت وكل أملي بموافقة ابنته.. لم أتوقع موافقتها من بعدها عشت أجمل أيام في طاعة الله وحب الخير للجميع. وأخيراً دعوت الله لرفاقي فعسى الله كما فتح على قلبي أن يفتح على قلوبهم وكما جمعني بطهار القلوب في دنيا فانية، أن يجمعني بهم في جنة قطوفها دانية.. هكذا أكون أنهيت قصتي.