الجريمة التي أدت إلى مقتل عضو الهيئة الشيخ علي الأحمري ورجل الأمن عبدالله عسيري -رحمهما الله - قبل أسابيع تشير إلى أن التعامل مع المجرمين يكتنفه شيء من التفريط وعدم الحذر.. الحدث الصبي مجرم، وهارب من ذويه؛ وأي مجرم لديه استعداد في الغالب أن يحاول الفكاك من قبضة رجال الأمن ويحاول الهرب، حتى وإن اضطرته المحاولة إلى القتل كما حدث في قضية الشهيدين رحمها الله. والسؤال: كيف استطاع هذا الحدث أن يحصل على السلاح ويقتل ثم يهرب، ويترك الشيخ ومعه رجل الأمن مضرجين بدمائهما؟.. أسئلة بالفعل تحتاج إلى توضيح. والشيخ علي الأحمري رحمه الله كان يعمل رئيساً لمركز هيئة الأسواق، وكان محتسباً حقيقياً، وكما بلغني عنه أنه كان من أشد الناس في مكافحة الخرافة والتدجيل واستغلال الرقية الشرعية في اقتناص المرضى النفسيين واستنزافهم مالياً، حتى أصبح في هذا المجال علماَ يشارُ إليه بالبنان، وهل خلفنا إلا ضعاف النفوس هؤلاء ممن يستغلون أمراض البسطاء النفسية لبيع خرافاتهم ودجلهم وشعوذاتهم بزعم أنها دواء لهم. وهو رجل فاضل بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لا يخشى في الحق لومة لائم، ولا يتخلف عن بذل كل ما في وسعه لإحكام الضبط الاجتماعي في الأسواق، إضافة إلى أنه - أيضاً - في عمله جاهز لتأدية واجبه طوال وقته، وليس أدل من ذلك إلا أنه استشهدَ يوم جمعة وهو على رأس عمله، ولأن الأنظمة تتطلب أن يرافق عضو من أعضاء الهيئة الفرق الأمنية الموكل إليها تنفيذ المهمة، ولأنه يوم إجازة أسبوعية، تطوع - رحمه الله - بنفسه لتنفيذ المهمة، فكان استشهاده رحمه الله، وأجزل له الأجر والثواب من عنده. هؤلاء الرجال- كالشيخ علي - هم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ومات ليشكل بدمه الطاهر ملحمة من ملاحم الفداء والإخلاص لدينه ووطنه، وأنه القوي الأمين على ما أوكل إليه من مهام. وفي الأسبوع الماضي اعتدى مجموعة من المجرمين، يعتقد أنهم مروجو مخدرات، أو من تجارها، على عضو هيئة في الرياض هو الشيخ مرشد الموسى، عندما ألقى مجهولون عبوة (مولوتوف) حارقة على سيارته. وقد نجا العضو من الاعتداء، غير أنه أصيب بحروق وتشوهات مازال يُعالج منها حتى اليوم. وحسب ما أشارت إليه وسائل الإعلام فإن العصابة كانت قد هددت بالانتقام منه بعد القبض على مجموعة من المتاجرين في هذه الممنوعات. وبعد إعداد وتخطيط نفذوا ما هددوا به بالفعل، وترصدوا بالشيخ ونفذوا جريمتهم النكراء. طيب .. أليس من المفروض أن يتم إلحاق أعضاء هيئات الأمر بالمعروف في دورات تدريبية، وتأهيل أمني، إذا كانوا سيقومون بهذه المهمات، وسيتعرضون إلى هذه المخاطر؟ .. عضو الهيئة هو أحد المخوّلين بمسؤولية (الضبط الجنائي)، كما ينص بذلك (نظام الإجراءات الجزائية) الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م-39) وتاريخ 28-7-1422ه؛ فقد جاء في الفقرة (6) من المادة السادسة والعشرين من النظام أن عضو الهيئة مخول بمهمة الضبط الجنائي في حدود تخصصه، لذلك يجب أن يكون مؤهلاً تأهيلاً كاملاً لتنفيذ هذه المهام، ولا يُقحم في قضايا وهو غير مؤهل للقيام بها. وحسب علمي لا يتم تدريب الأعضاء على التعامل الأمني مع هذه المخاطر، رغم أنهم يتعاملون مع هؤلاء المجرمين العتاة، مثلهم مثل بقية القطاعات المخولة بالضبط الجنائي؛ وهذا بلا شك فيه تفريط، فالتدريب والتأهيل الأمني، هو من ضروريات رجال الضبط الجنائي في كل بلاد الدنيا؛ والسؤال : لماذا لا يُؤهلون كما يؤهل رجل الأمن إذا كانوا سوف يقومون بهذه المهام الأمنية؟ إلى اللقاء.