يحتفظ التاريخ الإسلامي بصفحات من نور لحكام وقادة تركوا ثروة من السمعة الطيبة والأثر الذي لا يمحى، بدءاً برسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ومروراً بعمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز. وفي التاريخ الحديث، وفي الوطن العربي نحتفظ بذكرى طيبة من الطيب الذكر سوار الذهب الرئيس السوداني الذي أكمل الأمانة وسلم الحكم بعد إجراء انتخابات جرت في الموعد الذي حدده بعد الانقلاب على جعفر النميري. الآن تتكرر الصورة في لييبا في شخص ورع يجسد النزاهة ونظافة اليد، فالفاضل الدكتور مصطفى عبدالجليل يقدم صورة مضيئة لمن يتصدى لحمل الأمانة وينتظر أن يسلمها إلى أصحابها من يختار الشعب الليبي فقد ذكرت شبكة «رصد المغربية»، ونقلت عنها صفحة «كلنا مع المجلس الوطني السوري» ما نصه: في زيارة مصطفى عبدالجليل لدولة قطر الأخيرة، تسلم هدية من دولة قطر، وعند رجوعه لبنغازي، استدعى المجلس الانتقالي وفتح الهدية أمامهم، وكانت تحوي ميدالية وهدايا بسيطة أخرى ومعها ما يعادل 100 ألف دولار، فقالوا له: هذه لك يا سيد عبدالجليل. فقال لهم: بل هي لليبيا، لأن القطريين لم يأتوا لبيتي قبل أن أتولى رئاسة المجلس. وقام بوضعها ضمن ممتلكات الدولة. تحصل السيد عبدالجليل على سيارتين من النوع الفاخر من أحد أثرياء مصراتة، واحدة له، والثانية لمرافقه حامد العمروني، وسيارة فخمة نوع مرسيدس أعطيت له من إحدى الدول الأجنبية، فقام بتسجيلهم جميعاً باسم المجلس الوطني الانتقالي. في رحلته لتركيا تم تسليمه هدية قدرها 10000 دولار في ظرف، وبعد عودته أرجع الظرف كما هو قائلاً: أودعوه باسم المجلس، فإن الدولة التركية قد تكفلت بكل مصاريف الرحلة. قال عنه الرئيس الفرنسي ساركوزي: «هذه هي المرة الأولى التي يطلب فيها مني رئيس دولة أن نأخذ فترة استراحة أثناء الاجتماع ليؤدي الصلاة». نموذج للحاكم الورع الذي تحتاجه الأمة الإسلامية ليرفد القلة من الحكام الذين يخافون الله في رعيتهم. رحم الله مصطفى عبدالجليل الذي فهم حديث (ابن الأتبية) أحسن الفهم، وتمثله على الواقع، نصاً وروحاً، وأعاد لنا ذكريات السلف أمثال ابن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز. وإذا كان المستشار الجليل قد توّرع عن لعاعة من الدنيا -كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم- فماذا نقول لمن لم يتورّع عن دماء المسلمين، ويرفض الطلب في حمايتهم، أو يراوغ في الطلب، ويحاول أن يسرق ثورتهم ويتربع على أمجادهم؟!. هذا ما يريده أبناء الأمة الإسلامية، حكام عفاف اليد، يقودون بلدانهم إلى العزة، يؤدون الأمانة ولا يمدون أيديهم إلى ثروات البلد التي وهبها الله لعباده المؤمنين.