حذَّرت المفوضية الأوروبية أمس من أن أوروبا يمكن أن تشهد «مرحلة جديدة من الانكماش»، وخفضت بشكل كبير توقعاتها للنمو في منطقة اليورو السنة المقبلة؛ لتصل إلى 0,5 في المئة فقط مقابل 1,8 % كانت مرتقبة سابقاً. ووفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية «أ ف ب» حذر المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي رين بمناسبة نشر التوقعات الاقتصادية الأوروبية للخريف من أن «النمو توقف في أوروبا، ويمكن أن نشهد مرحلة جديدة من الانكماش». وتقنياً الانكماش يعني فصلين متتاليين على الأقل من تراجع النشاط الاقتصادي. وقال ماركو بوتي، المدير العام للشؤون الاقتصادية والنقدية في المفوضية الأوروبية «إن انكماشاً عميقاً وطويل الأمد واضطرابات جديدة في الأسواق المالية لا يمكن استبعادها». وكان رين لا يزال يراهن في منتصف أيلول/ سبتمبر على تباطؤ كبير للنمو «لكن ليس انكماشاً» في أوروبا؛ ما يدل على أن الوضع تفاقم إلى حد كبير في هذه الفترة. وقالت المفوضية الأوروبية في مقدمة بوثيقة تقع في 250 صفحة إن «الاقتصاد العالمي دخل مجدداً في منطقة خطرة؛ ففي الربيع كان يبدو أنه تم احتواء أزمة الديون السيادية. ومن جانب آخر فإن مؤشرات الطلب الداخلي كانت تدفع للاعتقاد بحصول انتعاش طفيف للنشاط في أوروبا.. لكن هذه الآمال تبددت». كما أعلن رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو أمس الأول الأربعاء في برلين أنه على المدى الطويل «يتوجب على جميع دول الاتحاد الأوروبي أن تتبنى اليورو بوصفه عملة». وقال إن العملة الموحدة هي «قلب الاتحاد الأوروبي». مضيفاً بأن «الانتماء إلى اليورو أو العمل للانتماء إليه يجب أن يحدد معالم الاتحاد الأوروبي». وحض الدول التي لا تؤيد الانخراط الأوروبي على عدم التصدي للدول التي تريد التقدم في هذا الطريق. واعتبر باروسو أنه لا يمكن العمل في وضع اتحاد أوروبي منقسم، وأقر بأن «التحدي هو: كيف نعمق دمج منطقة اليورو بدون خلق انقسامات مع الذين لم يندمجوا بعد». وحذر من أن «الاتحاد الأوروبي بمجمله ومنطقة اليورو يسيران معاً ولا يمكن أن ينقسما». وأكد أنه «في حال توافرت الإرادة السياسية فإن الاتحاد الأوروبي سيكون أكبر قوة ناشئة في العالم» وعلى صعيد ذي صلة يسعى وزراء المالية في بلدان منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبك)، الذين تتزايد مخاوفهم بسبب فشل أوروبا في احتواء أزمة ديونها، إلى تشكيل جبهة موحدة والدعوة إلى إجراءات أكثر حسماً، بينما يعملون على تحصين اقتصاداتهم من تداعيات الأزمة. وتمهد المحادثات الطريق لقمة تعقد مطلع الأسبوع المقبل لزعماء الدول المطلة على المحيط الهادئ، وهي إحدى أسرع المناطق نمواً في العالم. ووفقاً ل»رويترز» يوصف التجمع السنوي لدول المنتدى، وعددها 21، الذي يستضيفه هذا العام الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مسقط رأسه هاواي، بأنه مسعى لإحراز تقدم صوب إقامة منطقة تجارة حرة جديدة والدفع قدماً بمعاهدة للتكنولوجيا «الخضراء»، وهي خطوات قد تعزز النمو العالمي. لكن جدول أعمال القمة، الذي يتضمن تعهدات بمنافع اقتصادية قد يستغرق تحقيقها سنوات، لن يقدم فرصة كبيرة لالتقاط الأنفاس للأسواق العالمية، التي تترنح بسبب أزمة ديون منطقة اليورو؛ حيث حلت إيطاليا محل اليونان باعتبارها التهديد الرئيسي للاستقرار. وقال مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية إن كبار المسؤولين الذين يحددون الخطوط العريضة لمحادثات وزراء المالية والخارجية في أبك اليوم (أمس) ثم لقمة زعماء المنتدى غداً السبت عبَّروا عن مخاوف متنامية بشأن مشكلات ديون أوروبا، واتفقوا على الحاجة إلى تحصين اقتصاداتهم من أي تفشٍّ للأزمة. وأضاف المسؤول بأنه من المتوقع أيضاً أن يواصل وزراء مالية المنتدى الضغط على الصين بشأن عملتها. مشيراً إلى استجابة لضغوط أمريكية للسماح بارتفاع سعر صرف اليوان. وهذه المسألة سبب رئيسي للتوتر في علاقات واشنطن وبكين التي يتزايد نفوذها في المنطقة. لكن الشاغل الرئيسي للقمة سيكون دفع أوروبا لترتيب أوضاعها المالية. وحث وزير الخزانة الأسترالي وين سوان على الوحدة بين بلدان منتدى آسيا والمحيط الهادئ، وقال إن كل اقتصاد في أبك شعر ب»الرياح الباردة» الناشئة عن الأحداث الاقتصادية في أوروبا والولايات المتحدة التي يسير التعافي الاقتصادي فيها بصورة غير منتظمة. وقال للصحفيين في هونولولو «هذا تحدٍّ لأوروبا، لكن النتائج تهمنا جميعها». من جانبه قال متحدث باسم المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أمس إن الحكومة الألمانية لا تسعى إلى تكتل أصغر داخل منطقة اليورو، وإن سياساتها تركز على تحقيق استقرار المنطقة كلها. وجاءت تصريحات المتحدث ستيفن سيبرت في رسالة بالبريد الإلكتروني ردًّا على خبر نشرته «رويترز»، أفاد بأن مسؤولين من ألمانيا وفرنسا ناقشوا فكرة المضي في تحقيق تكامل اقتصادي أكبر ربما بين عدد أقل من الدول. وقال سيبرت «الحكومة الألمانية بالتأكيد لا تسعى وراء هذه الخطط.. على العكس سياساتنا تهدف لتحقيق استقرار منطقة اليورو كلها، والتصدي لجذور مشاكلها».