ظهر فن السيرة الذاتية في الأدب العربي القديم منذ العصر العباسي ومع ذلك لم نرَ منها إلا أعمالاً قليلة ومتفرقة لا تشكل فناً أدبياً متكاملاً واضح المعالم ذات خصائص فنية مستقرة من جراء عدم انتشار وسائل الكتابة والتدوين والترجمة. وهذا العامل الذي أصدرته مكتبة الرشد (ناشرون) بعنوان (ملامح مع السيرة الذاتية في الشعر العربي القديم.. دراسات تطبيقية في شعر أبي تمام) لفاطمة بنت محمد العتيبي يسلط الأضواء ويكشف عن الأسباب ويطرح الحلول حول هذه القضية الحيوية التي حالت دون ظهور هذا الفن وانتشاره وترى أن أبرز أسباب تراجع السيرة الذاتية وانصراف العرب عنها لفترة طويلة يرجع إلى تعلمهم بفن الشعر نتيجة لحب الذات وحفظ مآثرها والتعبير عن خلجاتها لذا وجدوا فيه المادة الكافية والمجال الخصب للتنفس عن هذه الرغبة. العمل يؤكد على أهمية السير الذاتية في فن الشعر واعتباره مرجعاً يمكن الرجوع إليها في كشف ملامح هذه السيرة من خلال رؤية تطبيقية شاملة لشعر المتنبي عبر العديد من الرؤى والأفكار عن هذا الشاعر المبدع الذي أثرى الحياة الشعرية منها: - استقراء شعر أبي الطيب المتنبي وتحليله واستخراج ما يتضمنه من ملامح سيرته الذاتية. - للشاعر أساليب وطرق مختلفة يعبر من خلالها عن ذاته بشكل مباشر أو غير مباشر مما يحتاج إلى جهد مكثف لإدراك هذا الذات وفهم مدلولاتها المختلفة. - أما عن المنهج المعتمد في هذه الدراسة فهو تحليل سيري وصفي يحلل العينة التي اختارها ومستفيد من الدراسات السابقة خصوصاً التي تبث المقربات التحليلية النفسية عن طريق الانطلاق في تدبر المعنى من النص الشعري عبر قراءة واعية متأنية في تدبير المعنى ومن ثم يربط بين المعاني والأفكار المتناثرة ثم تليها المرحلة الثانية المتمثلة في الرجوع إلى كتب التاريخ والمعاجم والتراجم وجمع المعلومات وتحليلها والربط بينها.