إن التنمية الحقيقية والمتكاملة لأي بلد لا تتم إلا بمشاركة الجميع رجالاً ونساءً. ورقي ورفعة الأمم لا تتم إلا من قبل أبنائها من الجنسين. وإذا فضلنا جنساً على آخر كان هناك نفص في تنمية وتطور البلد، لأنَّ النساء يشكلن نصف المجتمع وبالتالي نصف طاقته الإنتاجية، فلا بد من أن يسهمن في العملية التنموية على قدم المساواة مع الرجل. وفي عصرنا الحالي أصبح مقياس تقدم المجتمع مرتبطاً بمشاركة المرأة في تنمية هذا المجتمع في جميع المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية. والمرأة السعودية أخذت دورها في تنمية المجتمع في المجالات العملية منذ أن أمر الملك فيصل -رحمه الله- بفتح المدارس لتعليم المرأة، ومن ثم فتح الأقسام الجامعية لها بعد ذلك، وبدأت المرأة في الدخول لمعترك الحياة العملية بعد ذلك كمعلمة وكموظفة وكطبيبة في القطاعين العام والخاص، لأنه لم يصبح هناك ما يمنع المرأة السعودية بالمشاركة في تنمية البلد بمساعدة الرجل وفق الشريعة الإسلامية بعد أن أصبحت متعلمة، إلى أن جاء عهد ملك الإنسانية أبو متعب الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ومنح حق مشاركة المرأة في صنع القرارات المهمة لمجتمعها، أيضاً عبر مشاركتها كعضوة في مجلس الشورى وفي المجلس البلدي، وهذا ما جاء إلا تأكيداً من الملك -حفظه الله- لدور المرأة السعودية في المجتمع السعودي والذي -إن شاء الله- ينعكس هذا القرار بالنفع على المرأة السعودية وعلى البلاد. وما أشار إليه خادم الحرمين الشريفين في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى أنه اتخذ قراره هذا لرفضه تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي في ظل مجال عملها وفق الضوابط الشرعية وبعد التشاور مع كثير من العلماء في هيئة كبار العلماء ومن خارجها والذين استحسنوا هذا التوجه وأيدوه. وختم خادم الحرمين الشريفين خطابه قائلاً «من حقنا عليكم الرأي والمشورة وفق ضوابط الشرع وثوابت الدين ومن يخرج عن تلك الضوابط فهو مكابر وعليه أن يتحمل مسؤوليته لتلك التصرفات». وفي تدقيق لخطاب خادم الحرمين الشريفين نجد أن كلمة الشرع والأمور الشرعية تكررت في خطابه، وأن جميع القرارات التي تصدر بحق المرأة في مجال السماح لها بالمشاركة في تنمية البلد لابد أن تكون وفق الضوابط الشرعية. وحذر -حفظه الله- أن من يخرج عن تلك الضوابط مكابر وعليه أن يتحمَّل مسؤوليته لتلك التصرفات، وهذا رد على من يخلط بين مشاركة المرأة في العمل وفي مثل هذه المجالس ومخالفة الشرع. وليعلم هؤلاء أن المرأة هنا دورها استشاري، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- استشار النساء في كثير من الأمور، ومشاركة المرأة بالرأي بالمساواة مع الرجل في مجلس الشورى والمجلس البلدي دلالة على الاهتمام بها وتقدير لمكانتها واعتزاز برأيها بعد أن وصلت لأعلى الدرجات العلمية والوظيفية. وأقول لهؤلاء إن من دلالا ت خطابه -حفظه الله- ما يدل أن مشاركة المرأة في تنمية البلد لن يكون بالمفهوم الغربي، ولن نقتبس مشاركات المرأة الغربية ونطبقها على مشاركة المرأة السعودية، فالمجتمع السعودي يختلف عن المجتمع الغربي لأن الأيديولوجيات التي قامت عليها المجتمعات العربية والمجتمع السعودي خصوصاً تختلف عن المجتمع الغربي ناهيك عن ما حبانا الله جل وعلا بنعمة الإسلام والذي حفظ حقوق المرأة وصانها بالحشمة والعفة. والمرأة -إن شاء الله- مصانة ومحافظ عليها في عملها كما هي في بيتها مادام الضوابط الشرعية مطبقة في مجال عملها.. والله الموفق. [email protected]