تحولت جماهير كرة القدم الإيطالية إلى خبراء في جراحات القلب خلال مساندتها لمهاجم نادي آيه سي ميلان أنطونيو كاسانو الذي خضع لعملية جراحية ناجحة في القلب أمس الأول الجمعة لعلاج عيب خلقي تسبب في إصابة اللاعب بسكتة دماغية خفيفة. وعانى كاسانو تدفقا في الدم بطريقة غير منتظمة داخل القلب حيث يتصل الأذينان عبر ثقب عادة ما يلتئم تلقائيا عند المولد. وسنحت الفرصة أمام كل جماهير الكرة الإيطالية سواء من مريدي الاستادات أو الجماهير المتابعة للمباريات عبر شاشات التليفزيون للتعرف أكثر على حالة كاسانو غير الطبيعية والتي يعتقد أنها تؤثر في نحو 30 % من تعداد البالغين. وظهرت رسومات القلب والأوعية الدموية على صفحات الصحف الرياضية والمواقع الإلكترونية لشرح معنى وجود «عيب في الحاجز الأذيني» الذي يتسبب في اختلاط الدم الشرياني الغني بالأكسجين مع دم الوريد. وعادة ما يكون القلب بحاجة إلى وجود هذا الثقب الطبيعي أو الممر عندما يعجز الجنين عن التنفس داخل الرحم، ولكن الثقب يلتئم تلقائيا بشكل تدريجي بعد مولد الجنين عندما تبدأ الرئتان في إمداد الدم بالأكسجين. وعادة ما يصعب اكتشاف هذا العيب، وفي الغالب لا يسبب المشاكل ولكنه قد يؤدي إلى عدم انتظام الدورة الدموية وبالتالي نقص تدفق الدم إلى المخ. وهذا تحديدا ما حدث لكاسانو يوم السبت الماضي عندما وصل لاعبو ميلان مطار المدينة قادمين من العاصمة بعد مباراة مع فريق روما بالدوري الإيطالي حيث فاز ميلان 3-2 في المباراة التي شارك كاسانو في آخر 15 دقيقة منها. وكان فقدان كاسانو الوعي وعدم قدرته على الكلام من دلالات تعرضه لسكتة دماغية ولكن من حسن حظه أنها كانت سكتة عابرة لم تتسبب في أي أضرار للمخ. كانت لحظة درامية في حياة لاعب معروف بمزاحه المستمر وإغاظة زملائه الذين يبدو أنهم يكنون له الاحترام بشكل عام. حيث علق الهولندي مارك فان بوميل لاعب خط وسط ميلان على كاسانو أخيرا قائلا: «إنه مجنون إلى حد ما بالفعل». أما حارس مرمى يوفنتوس الدولي جانلويجي بوفون، الذي يقوم بدور الأخ الأكبر لكاسانو، فقد أعرب عن أسفه لما حدث. وقال بوفون: «ولكنه أمر مفرح حقا أن أعرف أنه في غضون بضعة أشهر يستطيع كاسانو أن يعود إلى الشيء الذي يحبه ويجيد القيام به فعلا (اللعب)». ويوجد جانب مظلم في حياة كاسانو ربما يكون ناشئا من غياب والده الذي هجر أسرته عندما كان طفله الوحيد صغيرا في مدينة باري القديمة. هذا الجانب المظلم كان يظهر دوما في نوبات غضب اللاعب التي شابت مشواره الرياضي منذ بدايته في باري ومرورا بروما وريال مدريد الإسباني قبل وصوله إلى سامبدوريا ومنه إلى ميلان. ودأب كاسانو على تحطيم الرايات الركنية بالملاعب وإهانة المدربين والحكام ليمتلئ مشواره في الملاعب بالنقاط السوداء. والأمر الغريب الذي ربما يحتاج إلى تفسير الاختصاصيين النفسيين هو أن سلوك كاسانو تجاه الخصوم الأكثر عنفا معه دائما ما يأتي مثاليا. ويبدو أن نوبات غضب كاسانو اختفت عندما التقى بلاعبة كرة الماء كارولينا مارتشياليس وتزوج بها في يونيو 2010 والتي رزق منها بطفل في إبريل الماضي. ولكن مزاج كاسانو العصبي وضعه في مشكلة حقيقية في أكتوبر 2010 عندما وجه إهانة بالغة إلى رئيس سامبدوريا ريكاردو جاروني الذي أبعده عن الملاعب حتى انتقال اللاعب إلى ميلان في يناير التالي. وجاء حادث السبت الماضي ليوقف نشاط كاسانو بعدما كان اللاعب نجح في إثبات نفسه كعنصر لا يمكن الاستغناء عنه في ميلان وكلاعب أساسي في منتخب إيطاليا. ولكن بعد إجراء العملية الجراحية بنجاح، ارتفعت معدلات التفاؤل من جديد بإمكانية عودة كاسانو إلى الملاعب قريبا وبانتهاء نوبات غضبه الشهيرة أخيراً.