لقد فجعنا جميعاً بوفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود.. لقد فجعنا جميعاً، شيباً وشباباً، نساءً ورجلاً، وانتابنا حزن عميق وإحساس بمرارة اليتم لفقدان هذا الأمير الإنسان الذي كان بمثابة الأب للجميع.. فما أن عمّ خبر رحيله الآفاق حتى توالت ردود الأفعال كتعبير عفوي صادق عن الشعور بالحزن لوفاة الأمير سلطان.. تعبير صادق جسّد محبة الراحل في نفوس كل المواطنين والمقيمين بالمملكة. كان الراحل رجلاً سمحاً ملأ قلبه الكبير حب الناس.. يبعث الفرح أينما حلّ بابتسامته وتواضعه الجم.. تجاوز بعطائه اللامحدود ومبادراته العديدة مسرح الأحداث المحلي ليصبح إسهاماته في مجال العمل الإنساني على المستوى العالمي. ولقد امتد عطاؤه السخي لدعم العمل الخيري في كل المجالات. ولم تكن مبادراته وعطاؤه لمحاربة الفقر فقط ولكن أيضاً لدعم البحث العلمي ونشر العلوم وحماية البيئة وصحة الإنسان. ولم تكن مبادراته -رحمه الله- موجّهة نحو جهة معينة ولكنها شملت كل أنحاء المعمورة لخدمة الإنسانية دون تمييز وفي كل مكان. ولقد دَلّ على هذا العطاء اللا محدود تلك التصريحات المعبرة عن الشعور بالألم والحزن العميق لرحيل فقيدنا الكبير الأمير سلطان التي توالت تباعاً من كل بقاع العالم. وهنا، وعلى المستوى المحلي، وفي المنطقة الشرقية من مملكتنا الحبيبة يذكر أهالي المنطقة مبادرات وإسهامات فقيدنا الراحل.. الأمير سلطان بكل تقدير واعتزاز.. فلقد افتتح مبنى برنامج الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز لتنمية الشباب ليكون المقر الذي تنطلق منه كل أنشطة البرنامج الهادفة إلى تدريب الشباب وتأهيلهم وتنمية قدراتهم وبناء شخصياتهم بطريقة متكاملة ليتمكنوا من ممارسة الحياة بإيجابية وتحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم.. وهو البرنامج الأول من نوعه على مستوى المملكة.. وافتتح أيضاً جامعة الأمير محمد بن فهد، وهي أول جامعة خاصة بالمنطقة الشرقية.. جاءت لتكون إضافة جديدة للجامعات القائمة وتوفر نمطاً جديداً للتعليم العالي ووفق أحدث المواصفات والمعايير العالمية.. وهي الجامعة التي كانت حلماً يراود أهل المنطقة لتوفير فرص التعليم العالي بالمواصفات العالمية لأبنائهم وفي بلدهم وبين أهلهم دون اللجوء إلى السفر والاغتراب. ولم يقف إسهامه عند افتتاح الجامعة ولكن تبرع الفقيد الأمير سلطان -رحمه الله- بإنشاء كرسي سموّه لدراسات الطاقة والبيئة، دعماً للبحث العلمي بالجامعة من جهة وتأكيداً على اهتمامه بالبيئة من جهة أخرى. ومن مبادراته المميزة تبرعه السخي لإنشاء كلية الأمير سلطان بن عبدالعزيز لذوي الإعاقة البصرية، وهي الكلية التي ستكون الأولى من نوعها، ليس في المملكة فحسب، ولكن في الشرق الأوسط أيضاً.. كلية توفّر فرص التعليم العالي لشريحة عزيزة من شرائح المجتمع، ألا وهي شريحة الشباب من ذوي الإعاقة البصرية.. ويأتي تبّني سموّه الكريم -رحمه الله- لهذه الكلية ودعمه السخي لإنشائها تأكيد آخر على اهتمامه بالإنسان وتقديم كل الدعم الذي يمكّن الإنسان من التغلب على مشكلاته لممارسة الحياة في سهولة ويسر. لقد أصبح الراحل بما قدمه من مبادرات إنسانية في جميع بقاع الأرض علماً بارزاً من أعلام المجتمع الإنساني، وشخصية فذّة هي مصدر فخر للأمة العربية والإسلامية جمعاء. نعم.. سنذكرك دائماً يا أمير الخير والعطاء.. فلقد حفرت اسمك عميقاً وخلّدته في ذاكرة الأجيال.. نعم.. ستتعاقب الأجيال ولكن ستبقى ذكراك العطرة باقية. ليتداولها جيل بعد جيل من خلال ما قدمته من مبادرات ستبقى شاهدة عليك. نسأل الله أن يجزل لك الثواب بغير حدود وأن يسكنك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.