{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}, هذه الآية الكريمة التي أدبنا بها ربنا لنستلهم منها المواقف عند المصائب والملمات ستكون على لسان ملايين الناس هذا اليوم يرددونها استسلاماً لقضاء الله وقدره الذي كتب عليهم أن يودعوا علماً بارزاً من أعلام الخير العام ورمزاً وطنياً من رموز هذا البلد المعطاء ومثالاً يحتذى به في البشاشة واللطف. مات سلطان بن عبدالعزيز الذي لا تراه إلا باسماً حتى وهو يعاني أشد الأمراض فتكاً بالجسد، التي لو حل بعضها بغيره ما رأيته إلا باكياً، لكنها هبة الله التي أنعم بها عليه لكثرة ما رسم البسمة في وجوه الثكالى والأيتام والمعوزين، ولكثرة ما بذل من ماله وجاهه في علاج المرضى وإعانة المعسرين فكان الجزاء من جنس العمل، بسمة وهبها الله إياها لا تغيب عن محياه الحبيب حتى استحق أن يسمى سلطان البشاشة. وكان رمزاً من رموز بناء نهضة الوطن والمحافظة على مكتسباته حتى عم الخير أرجاء الوطن فنشرت محبته في قلوب أبناء الوطن فلا ترى الناس إلا داعياً له حين مرضه مترحماً عليه بعد موته. وكان قلباً نابضاً بالمودة في الحياة الاجتماعية بحضوره الملتقيات الاجتماعية والمناسبات العامة و إصلاح ذات البين والإسهام الكبير في الحراك الخيري والمؤسسي كمدينة سلطان وكلية المكفوفين وغيرهما من المجالات الخيرية التي لم يسبق إليها ما أدى إلى فتح مضمار التنافس الخيري بين القادرين فاستحق أن يسمى رحمه الله سلطان الخير. وكان رحمه الله عضداً قوياً وسنداً أمينا لوالده الموحد رحمه الله ثم لكافة إخوته من الملوك, حيث تقلد العديد من المناصب القيادية, وعند إحداث الوزارات في المملكة أسندت إليه وزارة الزراعة حيث أسسها ثم وزارة المواصلات وقام بنفس الدور فيها ثم توليه لعقود وزارة الدفاع التي نقل مستوى الأداء فيها نقلة نوعية جبارة حتى أضحى الجيش السعودي متميزاً من حيث الكوادر البشرية والفنية والتقنية مستطيعاً بكل اقتدار حماية حدوده بل والذود عن البلاد الشقيقة عند تعرضها للاعتداء. لست أدري أي جانب من جوانب عظمة شخصيته أتيح لقلمي التشرف بتسطيره ونقل مشاعر الملايين أمثالي ممن أحزنهم مرضه ثم آلمهم فقده رحمه الله رحمة واسعة، فهو كالبحر من كل جانب تراه عظيماً زاخراً بالكنوز وهو كالسحاب حيثما حل هطل الخير. ولست أدري لمن أقدم العزاء فيه فالكل مكلوم بفقده محزون لفراقه غير أني أتشرف بتقديم العزاء أولاً لمقام خادم الحرمين الشريفين حفظه الله. ولأصحاب السمو الملكي الأمراء إخوته الكرام وأصحاب السمو الملكي أبناء الفقيد البررة سمو الأمير خالد وإخوته وأخواته، وأخص منهم صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك الذي تشرفت بالعمل معه في وزارة الشؤون الاجتماعية، هذا الموقع الذي ينظم ويشرف على العمل الخيري، ما أتاح لي فرصة التعرف من خلاله على شواهد كثيرة من مزايا الخير في سلطان الخير والوقوف على الدعم الكبير الذي كان يقدمه في سبيل دعم هذه المجالات الخيرية. والعزاء موصول لكافة أفراد الأسرة المالكة الكريمة ولكافة أبناء الوطن ولكل اليتامى والأرامل والمحرومين الذين شملهم سموه بنبله ورعايته في كافة أرجاء المعمورة. رحم الله سلطان البشاشة سلطان الخير وأسكنه فسيح جناته، ورفع درجاته في عليين جزاء ما قدم من خير عميم وعوضه خيراً على صبره في مرضه وأبدله خيراً مما أنفق في مجالات الخير وألهم أهله ومحبيه الصبر والاحتساب. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. * المستشار سابقاً بديوان صاحب السمو الملكي وزير الدفاع والطيران -رحمه الله-