إنه لا يخفى على الجميع بالتأكيد أن أول الأسباب الداعية إلى تقدّم الدول حضارياً وتكنلوجياً هو جيلها، وهذا الجيل الذي يكون على عاتقه التقدم لا يتقدم حتى ينال الدواعي والمحفزات التي تحثه على التوليد والإنتاج، وقد كان الاستغلال الجيد لتلك الطاقات ودعمها أحد الدواعي التي قادت الدول العظمى لبسط نفوذها في عصر التطور والتقدم، وهذا التقدم الذي نشير إليه لا يعني ويختص بأهل الإبداع في التقنية إنما في جميع المجالات، فنجد أن منهم من أبدع في الإنتاج التكنلوجي، ومنهم من أبدع في الإنتاج الإعلامي، ومنهم من أبدع في الإنتاج الأدبي، وغيرها الكثير.. ونحن هنا في الوطن العربي نمتلك الكثير والكثير من العقول الفذة، والطاقات الجبارة، والهمم الفتاكة، التي لا ينقصها إلا الإرشاد برسم المسار الصحيح لها، والدعم بتهيئة الأجواء وتجهيز المعدات، ثم بعد ذلك ما علينا إلا المتابعة والترقب، لنشهد الإبداع الخلاق بالفعل.. ولكن للأسف، إذ أنّ من أكثر المشاهد المؤلمة حقيقة أن نلحظَ نموّ موهبة فذّة لبرهة من الزمن، ثمّ سرعان ما أن تندثر وتتلاشى، وتصبح حكايةً قديمةً من حكايات الماضي.. هل سبق أن سألنا أنفسنا يوماً عن سبب تلاشي تلك المواهب؟ لماذا لا تعطى هذه الطاقات جزءًا من الاهتمام في الدولة، فتخصص لها البيئة، وتجهز لها المعدات، وتهيّأ لها الأجواء الملائمة، وتشرّع لها الأبواب؟ العجيب أننا ننزعج من التصرفات السلوكية غير اللائقة، كالكتابة على الجدران مثلاً، ولم نفكر يوماً في استثماره وتغيير اتجاهه ليصبح تصرفا سلوكيا لائقا، ويتحول من كتابة إلى رسم وفن وإبداع.. إن وطننا الحبيب يحملُ بينَ ثناياهُ ثروةً طائلة، لا ينقصها غير التنقيب والاستثمار، وإن تطوره ورقيّهُ من تطور ورقي شبابه، وكلنا مستعدون لبذلِ أقوى الطاقات في أوسع النطاقات سبيلاً لرفع راية الوطن، وكلُّ ما نريده فقط اهتمامٌ ورعاية وتقدير لما نحملهُ في جعبنا من ذهبٍ أصيل..