- عَرَّف الأصمعي الغوغاء بأنهم الجراد إذا ماج بعضه على بعض.. والغوغاء من الناس هم الذين إذا اجتمعوا غَلَبوا وإذا تفرقوا لم يُعْرفوا.. وعَرَّفهم آخرون على أنهم السِّفلة من الناس والمتسرعون إلى الشر. - الغوغاء هم الذين يكونون سلاحاً وحطباً للحركات السياسية أو الفكرية أو الأيديولوجية.. يبلغ من تطرفها أن تقبل على نفسها أن يكون ولاؤها لغير أهلها ووطنها.. فتعمل على تعطيلهم لمصلحة الآخر الذي انضوى تحت لوائه سياسياً أو فكرياً بعد أن فقد بوصلة عقله. - الغوغاء لا تعرف العيش المشترك ولا التعامل ولا التكامل أو التعاون بل ترى في الحياة جبهتين واحدة صحيحة والأخرى خاطئة.. واحدة بيضاء والأخرى سوداء.. واحدة صديق والأخرى عدو.. وهكذا.. فمشكلة الغوغائيين هي غياب العقل والإدراك السليم.. فتجدهم الأعلى صوتاً.. والأقذع لفظاً.. والأقل تهذيباً.. والأشد إقبالاً على المجازفة العمياء والقبول بها. - يرى الغوغائيون (قادة ورعاع) أنهم وما يمثلونه بريئون من كل خطأ منزهون عن كل فساد أكفاء لكل عمل وهم ممعنون في الوثوقية حد اليقين.. لذلك هم زناد جاهز للإطلاق والاستخدام من قبل كل مبادر أو مغامر أو قرصان.. إنهم طلقة في يد من يطلقها.. لا رأي لها ولا عقل إنما الكثير من الشر الدفين الذي وجد من يوجهه. - الغوغاء ظاهرة عالمية لا تقتصر على مجتمع واحد.. فقد اسْتُخدموا في كل الأزمنة والأمكنة على امتداد عمر الإنسان.. استخدمهم رجال الدين وقوداً في نشر اعتقادهم.. واستخدمهم رجال السياسة في حروبهم وبسط سلطتهم.. واستخدمهم رجال المال في توسيع مكاسبهم. - إذا حكم الغوغاء في بلد.. انتشر القمع والظلم والفساد والفقر وحل الظلام.. وفر الناس خارج أوطانهم.. وتحول الباقون إلى مطاردين لقوت يومهم.. وصار شبابها قنابل موقوتة جاهزة للاستعمال.. واستجار شعبها من الرمضاء بالنار.. فلم يعد أمامه سوى دعوة الاستعمار والترحيب به.. كما حصل في العراق وليبيا ويطالب به السوريون اليوم. - كيف يمكن تفكيك بيئة الغوغاء؟.. إنه سؤال المليون دولار كما يقولون.