كما تدس إسرائيل السم للصغار والكبار.. تحصد أرواحهم بعد أن تقتل كل حياة في أجسادهم ونفوسهم، تقتل الصغيرَ بسم قهرها الخادمة، تماماً كما يقتل استهتار الأم صغارها، وصباياها، والقتلة كثر.. والمقتولون ألوف.. وتتعدد الأسباب والموت واحد... المرض يقتل..، والقهر يقتل... والقِتْلة تختلف أنواعها وأسبابها.. إن دفنت الأجساد في الثرى.. أو بقيت تمشي فوقه... فوق الأرض سماوات.. وتحت الأرض قشرة، من تحتها قشرة، من تحتها مَوْرٌ حارقٌ.. إن تفكر المرء فيه، أدرك أي موت ينتهي إليه.. وأي حياة يبتدئ بها نهايته.. (رقية أم عبدالرحمن)، سيدة كلما تقلبت في فراشها، تعنكبت الأخيلة في رأسها، وبدأ دبيب النمل في جسدها، واعتلت شفتيها برودةٌ تصطك بها.. صغارها كزغب القطا، أو يكادون أن يكونوا قلبها المتحرك على فراشها،... والماشي على الأرض في الوضحاء.., رقية،.. زجت لي بحالها في مهاتفة.. أنصتُّ إليها طويلاً.., وانتظرت هي عند أبواب الجواب، لسؤال عريض ختمت به: (كيف نقي أبناءنا الموت..؟)..., وبالتأكيد هي لا تقصد الموت المقدر على الإنسان...، الذي إذا جاء، فهو أجل لا يُستقدم.., ولا يؤخر..لأنه بأمر الذي خلق, وقدر.. غير أنها تعني الموت, بإماتة الإهمال...، والقهر...، وظلم المستبد..., والإعلال بلقمة, وشربة... رقية، يقينها بأن أطفال فلسطين كمثال حي, هم مقتولون باستبداد، وقهر،... وبأن ضحايا الخادمات، هم مقتولون بإهمال.., وتفريط، وقهر وانتقام،... وبأن التلاميذ في المدارس, تقتلهم جهالة من يعلمهم،... وتقتلهم في المنازل، ضحالة من ينشِّئهم... وقتل العقل والوجدان... وقعه كما وقع السياف، على رقاب المحكومين بذنوبهم.. لكن هؤلاء لا ذنب لهم... وهي، أي رقية ترفض أن تكون مذنبة في حق صغارها، غير أنها تجهل كيف لا تكون جاهلة، وكيف لا تكون ضحلة، وكيف لا تكون مهملة، وكيف لا تكون مفرطة..., وكيف لا تمرضهم.., ولا تسقمهم..؟ وتيارات كثيرة تدنيها من كل ذلك...، بينما خيوط النور بعيدة، تكاد لا تصل لمنابعها... ذلك لأن كل شيء بين يديها.., يصبح أداة للقتل، حين تكون أجهزة الاستهلاك، والعرض، والنقل، والألعاب، والترويح، بل الاتصال، والإيصال، والرؤية، والسماع..., بل أيضاً كل غذاء مغموس في الدهون، والسكريات، والحافظات، و.. و... وكل ما هو معها..., يسهل عليها قتل صغارها..,... لكن الواقع يفرض آلاته، وأدواته, ووسائله، ومنجزاته..,.. وهي واحدة في مهب هذا الواقع، فوق مساحاته، وفي مخابئه، وعلى أسطحته، وباطن أعماقه... رقية أم عبدالرحمن، كانت تشهق كثيراً، ولم تكن يدي تصل إليها بمنديل.. ذلك لأن المنجزات,... لم تصل بعد لمد اليد بلحمها.., ودمها، وقوام مناديلها, عبر السلك, والشاشة... اعتذرت لها لقصوري عن هذا... فزاد شهيقها،...! هل لأنها تريد مزيداً من الإضافات للمنجزات...؟ أم لأنها ستخوض غماراً من الكفاح، لإقصاء الجانب السالب من كل هذه الأدوات... كي تخرج من خيوط العنكبوت.., وتتخلص من دبيب النمل.., وتتمكن من تحويل القتل، إلى حالة من إحياء في واقع له جماله المشرق.., وله ظلامه المقلق..؟........!!.