كان هناك رجل رزقه الله بتوأم ولد وبنت (بدر ؛ وبدور) ملئا الدنيا على والديهما وجعلا من بيتهم الصغير جنة كبيرة. هذان الطفلان أنسيا والدهما كل شيء فبات لا يذهب للبر ولا الاستراحات ولا يسافر؟ فمعهما يعيش كل المتعة.. كل الحياة.. كل الأمل.. وفيهما يرى الدنيا بأكملها. عندما بلغا سن الرابعة أصيب الابن بمرض (السرطان) وبعد عام من المعاناة والمراجعات والتنويم بالمستشفيات توفي الابن بدر لتنقلب الجنة الكبيرة إلى مأتم صغير وضيق، بل كهف معتم مظلم، كانت الصدمة بفقده مؤلمه، قوية و قوية جداً فالأم (معلمة) لم تستطع مواصلة (عملها) حيث انهارت نفسياً وأصيبت بضعف نظر وفقدت الذاكرة، ففقيدها يعني لها شيء عظيم يصعب تعويضه وقد خلّف فقده لديها آثاراً كبيرة عظيمة، والبنت الصغيرة ترفض الدراسة وروضة الأطفال وحجتها من سيشتري معي أغراض المدرسة ويختار معي احتياجاتي وأدواتي وحقيبة مدرستي !! فبدر مات وهو الذي كان يعرف ذوقي في مشترياتي، فوالله لن أدرس ولا أريد وظيفة ولا راح أتزوج حين أكبر، الحياة هذه كلها ما أبيها؟؟ حتى أمّي ما أبيها تجيب أخوان وأخوات، خلاص ما أبي أي شيء؟ إلا شيء واحد !!! ما هو يا ترى هذا الشيء؟ هي تريد السماح لها لتقوم يومياً بالذهاب لقبر بدر لتزوره وتجلس عند قبره فحتما ستسمعه و يسمعها،، استجاب والدها لها بأن يذهبوا كل يوم لزيارته وتم ذلك، استمروا على هذه الحال...وبعد فترة سافروا لعدة أسابيع لتغيير أجوائهم الحزينة في مدينة غير مدينتهم، ظلوا هناك عدة أسابيع، وحين عادوا لمدينتهم أصرّت بدور أن يتوجّهوا مُباشرة للمقبرة؟؟ وقبل حتى الذهاب لبيتهم؟ توقف الأب عند المقبرة... نزل مع صغيرته فإذا هم قد أضاعوا القبر من كثرة من دُفنوا من أطفال بعد بدر؟ ظلّت البنت تلف وتدور بهمّة وتُبحلق في كل قبر، و بعد ساعة بحث تفاجأ الأب بها تسقُط على ذاك القبر وتبكي: أبي أبي هذا بدر ؛ أبي بدر هُنا ! ! كيف عرفته لا ندري لكن من المؤكد أنه الإحساس. يقول الأب لا تتصورون كيف كانت فرحتها بلُقياها لتُراب قبر أخيها بدر كانت جالسة عند قبره جلوس الصلاة؛ وتمسح بيديها الحانية على تُراب القبر، الأب يذرف مدامعه وبدور كذلك والأم بالسيارة تبكي؟ الأب يقول لصغيرته هيا لنمشي عن حرارة الشمس، الطفلة تقوم وتُدخل يدها بجيبها وتُخرج قطعاً من الحلوى و(لعبة) اشترتها في سفرها ووضعتها بجانب قبر أخيها. حائل