ما دعاني إلى كتابة هذه القراءة هو مجموعة النقاشات في الصحافة أو المنتديات المهتمة بالشأن الفني حول ما حدث بين الزميلين النجمين حسن عسيري وفايز المالكي بعد أن لاحظت إجماعاً كبيراً، والغريب أن هذا الخلاف يعكس حال من يقومون على الدراما في بلادنا والأكثر تأثيراً فيها بشعبيتهما وجماهيرتهما. لو نظرنا إلى الدراما بقسميها الكوميدي أو التراجيدي، بل لنقل إلى الفنون الإبداعية بمختلف أنواعها وطرقها على أنها مسيئة للمجتمع إن كشفت حقائقه وقدمتها للناس فإننا يمكن أن نقول (صراحة) إن كثيراً من المتربصين بنا خارج الخارطة الإعلامية السعودية فشلوا في النيل من سمعتنا طوال سنين من المحاولات، لكن سعودياً واحداً أمكنه تشويه مجتمعه ب 30 دقيقة فقط، كان ذلك الممثل الكوميدي فايز المالكي الذي أبكانا في حلقات مضحكة، علّمنا فيها كيف تتحاور مع والدك وأمك بكل صفاقة واستهزاء دائم، وعلمنا كيف نستطيع توظيف الكوميديا في الاستهزاء بأشكال الآخرين وألوانهم وبلدانهم وأشياء أخرى خجلت من التفكير فيها فما بالكم بكتابتها، بعد كل هذا، نرى فايز المالكي يهاجم زملاءه الفنانين بكونهم «يقومون بتنميط المجتمع السعودي في صور مشوهة». ما تم تقديمه عبر مسلسل «سكتم بكتم» على التلفزيون السعودي في رمضان، كان محتشماً جداً مقارنة بما تم حذفه، على حد تصريحات المشرف العام على التلفزيون، عبد الرحمن بن عبد العزيز الهزاع حيث أكد في تصريحات صحفية منشورة أنه تم حذف مشاهد من مسلسل (سكتم بكتم) تعارض العقيدة وأخلاقيات المجتمع السعودي، وشرح طبيعة المشاهد التي حذفتها جهة الرقابة في التلفزيون، وبالمناسبة فإن التلفزيون هو المنتج الحقيقي للعمل وليس من حق أي أحد الاعتراض على قراره الذي يراه مناسباً، فيما المالكي (مجرد) منتج منفذ. الخطورة هنا، أن الممثل الكوميدي فايز المالكي يطرح نفسه كفنان شعبي، وفي الوقت ذاته كمثقف يحاول تهذيب المجتمع السعودي من خلال الاستهتار الكوميدي، فلسان حاله يقول: «بالإمكان الانتقاد المجاني حد التطرف ما دام ذلك في إطار كوميدي» ظاناً بأن الكوميديا تبيح له ما يحرمه هو على الدراما. وجميعاً نذكر أن المالكي أعلن أنه فسخ عقده مع شركة الصدف لأن مديرها التنفيذي حسن عسيري يقدم أعمالاً تسيء للمجتمع السعودي، وتكرر نفس الحديث في الأيام الأخيرة من شهر رمضان وعلى الهواء مباشرة عندما كانت إذاعة روتانا تستضيف عسيري وجاءت مداخلة المالكي مكررة نفس «التكنيك» وهو أن عسيري يسيء للمجتمع بطرحه قضايا الفساد في المجتمع، لكنه كفنان لا يبدو عليه الهمّ الثقافي، ولا يدرك أن الدراما بسبب طبيعة بنائها، تقدم النموذج السيئ وتقارنه بنموذج إيجابي ومن ثم تقوم بتقديم المنطقة البيضاء والسوداء، بينما الكوميديا تقدم خطاً أحادياً رمادياً، كما فعل المالكي، عندما لم يقم بتعزيزه النتائج الوخيمة للنماذج السعودية السيئة، بل قدمها بكل «خفة دم» وهنا الكارثة، تبدو الكارثة أكثر وضوحاً عندما تكون «خفة الدم» على الأب والأم عندما نرى المالكي عبر شخصيته «دحيم» يتعامل مع والديه بألفاظ تدل على عدم الاحترام ولكنها «مضحكة».