فاصلة: ((أولئك الذين يستحقون أكثر من سواهم الإشادة بهم يتحملون النقد أكثر من سواهم)) - حكمة عالمية - نشرت جريدة (الجزيرة) في عددها يوم الأربعاء الماضي خبراً مهماً يقول: «أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز برقية رقم 42283 وتاريخ 27-9-1432ه تم تعميمها على جميع الوزارات والهيئات الحكومية بالتأكيد على كل جهة حكومية كتب عنها أمر ينافي الحقيقة المبادرة فوراً بالرد وفق ما لديها من معلومات، وإذا تجاوزت الوسيلة الإعلامية في انتقاداتها معايير النقد البناء فعلى الجهة الحكومية اللجوء للجهة المعنية في الفصل في مثل هذه القضايا ورفع دعوى ضدها وفق الأنظمة والتعليمات المرعية، ونوّه التعميم بأن السكوت من قبل الأجهزة الحكومية يعني الإقرار بما ذكر في تلك الوسائل وتأكيداً له ويترتب عليه آثار سلبية لا تقتصر على جهاز بعينه، وإنما تتعداه إلى فقد الثقة فيما تقدمه الدولة من خدمات للمواطنين بشكل عام، ولا سيما عندما تتقاعس الجهة الحكومية عن المبادرة بالردود وإيضاح الحقيقة في وقت مبكر مما يعزز ترسيخ صحة النقد وقلب الحقيقة». الحقيقة أنّ هذا التعميم يضع أساسا لعلاقة سوية بين المسئولين في الأجهزة الحكومية والوسائل الإعلامية بما ينتج عنه تنوير الرأي العام والبعد عن تضليله. خطرت لي وأنا أقرأ هذا التعميم المستنير أن أعود لقراءة مقالاتي التي كتبتها في نقد أداء بعض الأجهزة الحكومية وبعضها بناء على طلب القراء، وكيف أن بعضها لم يحظَ بأي تعليق من قبل الأجهزة الحكومية وتساءلت: هل كان تجاهلهم لما كتبت دليلا على صحة ما نشر؟ وماذا لو جمعت كل ما كتبته الصحافة المحلية من نقد للأجهزة الحكومية ولم تحرك ساكنا، وبالمقابل نقد بعض الصحف غير البناء وعدم اهتمام الأجهزة الحكومية بمحاسبتهم. هو معيار ضروري لا يحرج الكاتب الذي يستجيب لأن يكون صوت القارئ فلا يمر مقاله مرور الكرام ،وفي نفس الوقت هذا المعيار يجعلنا ككتاب وصحافيين نلتزم بالمهنية ونتحرى الحقيقة قبل أن نكون صوت القراء ونستجيب للحديث عن معاناتهم، ففي بعض الأحيان يلجأ القراء للكتاب لنشر معاناتهم دون أن يكون هناك أية مستندات تشير إلى أن سبب المعاناة هو سوء أداء الجهاز الحكومي من قبل المسئولين فيه. لا أستطيع أن أخفي سعادتي بهذا التعميم، وكأني أرى وجوه العاملين في أقسام العلاقات العامة والذين اعتادوا على سياستين؛ إما التكذيب وإما التجاهل؛ إذ لا بد لهم من تغيير هذه الإستراتيجية البالية.