قبل عدة أشهر، ومن خلال هذه الزاوية، طالبت كما طالب الكثير غيري من الكتّاب، هيئة الطيران المدني بأن تسمح لشركات الطيران الخليجية بالنقل بين مطارات المملكة، خاصة وأن المواطنين قدا عانوا كثيراً من شركات الطيران السعودية المرخصة أثناء تنقلهم بين مطارات المملكة من جهة، إضافة إلى المكتسبات الاقتصادية التي ستعود على الوطن من جراء السماح لتلك الشركات الخليجية بالاستثمار في سوق النقل الداخلي بالمملكة. وما إن تم نشر تلك المطالبات حتى تصدى لها عدد من المسئولين في هيئة الطيران المدني وفي المؤسسة العامة للخطوط السعودية موجهين الاتهام لنا معشر الكتاب بأن مطالباتنا لا تتفق مع مصلحة الوطن، كما ذهبوا إلى وصف مطالباتنا بإفساح المجال لشركات الطيران الخليجية بالنقل الداخلي بين مدن المملكة بأنها مطالبات تمس سيادة الوطن، وفي ذلك نجد أن معالي مدير المؤسسة العامة للخطوط السعودية المهندس خالد الملحم قد علق قائلاً: (لا يوجد دولة بالعالم تأتي بشركات عالمية كي تستلم الطيران المحلي، ولا بد أن تكون الشركة محلية .....إلخ) فكيف يصرح معاليه بذلك في الوقت الذي نجد أن الدول الأوروبية تطبقه منذ أكثر من 20 سنة حيث نجد أنه يجوز للشركات الأجنبية (بموجب اتفاقيات معينة) أن تنقل داخل المدن الأوروبية. أما هيئة الطيران المدني فقد أكدت بأن إقرار السماح لشركات الطيران الخليجي للنقل داخل المملكة غير وارد في حسابها، وفي هذا نجد أن المدير العام للتنمية التجارية والممتلكات بالهيئة العامة للطيران المدني المهندس علاء سمان قد صرح للصحف قائلاً: (إن السماح لشركات نقل جوي غير سعودية للنقل بين مدن المملكة غير وارد إطلاقاً لما له من تأثيرات سلبية كبيرة عن الناقلات الوطنية، وكذلك على صناعة النقل الجوي بالمملكة.... إلخ). وعلى الرغم، أعزائي القراء، من أن تلك التصريحات لمسئولي الخطوط السعودية وهيئة الطيران المدني تقوم على التنظير وتتجاهل ما يعانيه المواطن السعودي منذ سنوات طويلة من ممارسات شركات الطيران المحلية، وعلى الرغم من كونها تصريحات لا تأخذ الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي يتحملها الوطن والمواطن منذ زمن من شركات النقل الجوي المحلية، كما أنها تصريحات أغفلت حقيقة مفادها أن نجاح صناعة النقل الجوي الداخلي لا يمكن أن يتم طالما تم قصر المنافسة على ناقل حكومي لا يزال تحكمه البيروقراطية بعيداً عن الأسس التجارية في تقديم الخدمة، وعلى شركتين أهليتين جديدتين يستحيل أن تقدمان الخدمة المرجوة منهما نظراً لارتفاع مرحلة التأسيس من شراء طائرات وإنشاء بنية تحتية متكاملة. أقول على الرغم من عدم مناسبة توجه هيئة الطيران المدني طوال السنوات الماضية بإقفال الباب أمام دخول شركات الطيران الخليجية للنقل الجوي الداخلي في مدن المملكة، إلا أن ما لا يمكن قبوله مطلقاً هو ذلك التصريح الذي أطلقه المتحدث الرسمي لهيئة الطيران المدني خالد خيبري للصحف خلال الأيام الماضية عندما صرح لوسائل الإعلام بأنه لا صحة لما كتب في الصحف بأن هيئة الطيران المدني ترفض السماح لشركات الطيران الخليجية بتقديم خدمات النقل الجوي الداخلي بين من المملكة، فكيف يصرح المتحدث الرسمي للهيئة بذلك والجميع يعلم بأن المدير العام للتنمية التجارية والممتلكات بالهيئة سبق أن صرح للصحف بأن السماح لشركات الطيران الخليجية غير وارد إطلاقاً. والسؤال هنا، هل يعمل هذان المسئولان في هيئتين مختلفتين!!! ثم كيف يذهب المتحدث الرسمي إلى تكذيب ما نشرته الصحف من تصريحات لمسئولين يعملون في نفس الهيئة التي يعمل فيها، ألا يكفي أن الهيئة طوال السنوات الماضية لم تحرك ساكناً إزاء ما يتعرض له المواطن من جراء سوء خدمات النقل الجوي المقدم من شركات الطيران المحلية وإقفالها الباب في وجه شركات الطيران الخليجية، ثم بعد ذلك يأتينا المتحدث الرسمي للهيئة لينفي في تصريحه ما سبق أن صرح به للصحف مسئول آخر في نفس الهيئة، ولكن لا نقول سوى (شين وقواية عين).