تستقبل المدينةالمنورة طيلة هذا الشهر الكريم وفودا كبيرة من شتى دول العالم لأداء العمرة وزيارة المدينةالمنورة ويحرص المعتمرين والزوار على زيارة العديد من المساجد والمواقع التاريخية وتحظى هذه المواقع رعاية خاصة وعناية متواصلة من حكومة خادم الحرمين الشريفين وولى عهده الأمين من خلال العمل الدائم على تطويرها وتجديد عمارتها في إطار سياسة حكيمة تهدف منها الدولة رعاها الله حماية هذه المواقع والمحافظة عليها، وقد شهدت أكثر هذه الأماكن في السنوات الأخيرة مشروعات كبيرة لتطويرها وتوسعتها لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الزوار ومن خلال هذه السطور نقوم بجولة ميدانية للتعرف على ابرز هذه المواقع. مسجد قباء ويعتبر هذا المسجد من المساجد التاريخية الهامة والذي أكتسب أهميته من كونه أول مسجد أسس في الإسلام وهذا المسجد شهد بداية هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث وصل رسول الله إلى قرية قباء التي كانت خارج المدينة وأصبحت الآن إحدى أحياء المدينة وأقام الرسول في مواقع بني عمرو بن عوف عدة أيام وأسس هناك مسجد قباء وهو أول مسجد أسس على التقوى وفيه يقول الحق سبحانه وتعالى (ولمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين) ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه ركعتين كان كأجر عمرة)، وقد شارك الرسول كما يقال في عمارته حيث كان عليه السلام ينقل بنفسه الحجر والصخر والتراب مع الصحابة رضي الله عنهم، وقد شهد هذا المسجد على مر التاريخ العديد من مشروعات التوسعة وكانت أول التوسعات في عهد الخليفة الراشد/ عثمان بن عفان رضي الله عنه كما جدد عمر بن عبدالعزيز الذي كان واليا على المدينةالمنورة عمارته في عهد الخليفة الوليد بن عبدالملك الأموي وأنشأ أول مئذنة للمسجد وتوالت عليه توسعات عديدة. التوسعة السعودية وقد كان للدولة السعودية جهود موفقة في تطوير هذا المسجد وتجديد عمارته وكانت توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - يرحمه الله - الأكبر في إطار اهتماماته بعمارة المساجد حيث نفذت أكبر توسعة للمسجد حيث بلغت النسبة في التوسعة أكثر من 550% فقد كانت مساحة المسجد قبل هذه التوسعة (1352) متراً مربعا وأصبحت بعد التوسعة حوالي (7465) متراً مربعا وقد تم تنفيذ التوسعة على أحدث الطرق المعمارية وأصبح المسجد يتسع لأكثر من عشرين ألف مصلى، وتبلغ مساحة الجزء المبلط بالجرانيت خارج المسجد حوالي (2474) متراً مربعا ومساحة الجزء المخصص للصلاة (4518) متراً مربعا إضافة إلى الجزء المخصص للسيدات والبالغة مساحته (742) متراً مربعا، أن الناظر لعمارة المسجد يجد أفضل تجسيد للعمارة الإسلامية حيث تعتلى المسجد (56) قبة متفاوتة الارتفاع قطر كل منها (5.30) متراً إلى جانب ست قباب كبيرة قطر كل منها (12) متراً بارتفاعات تتراوح ما بين (30 - 24) و(30 - 18) متراً وترتفع فوق المسجد أربع مآذن ارتفاع كل منها (42) مترا، وقد تم تكييف المسجد بالكامل وتمت تكسية حوائطه بارتفاع (3.6) متراً بالجرانيت المزخرف كما تم رصف أرضيات الصحن المكشوف بالرخام والجرانيت المزخرف فيما تغطي الجزء المكشوف خيمة كهربائية كبيرة، كما أشتمل مشروع التوسعة على ملاحق خاصة بدورات المياه للرجال والسيدات تبلغ مساحتها مجتمعة (857) متراً مربعا. مسجد ذي الحليفة وهذا المسجد يقع في ضاحية آبار على غرب المدينةالمنورة وهو أحد مواقيت الإحرام بالحج والعمرة والذي يرتاده الحجاج والمعتمرون لعقد نية الإحرام وقد شهدت كافة مواقيت الإحرام في عهد خادم الحرمين الشريفين مشروعات عملاقة لتطويرها وتجديد عمارتها ومنها هذا الميقات المسمى بميقات ذي الحليفة أو آبار علي، وقد عرف هذا المسجد باسم مسجد الشجرة وهي شجرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل تحتها بذي الحليفة، وشهد هذا المسجد عدة محاولات لتوسعته وتجديد عمارته ومنها توسعته مع توسعة المسجد النبوي الشريف الأولى ولكن أهم توسعة لهذا المسجد كانت في عهد الملك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله حيث نفذت هذه التوسعة بشكل معماري منبثق من فن العمارة الإسلامية كما جاءت عمارته مواكبة للبيئة المحيطة بموقع المسجد حيث اشتمل مشروع التوسعة على توفير عدة ساحات محيطة بالمسجد تمت زراعتها بأشجار النخيل التي تجسد بيئة آبار على حيث يقع المسجد، وتبلغ مساحة المسجد حوالي (6000) متراً مربعا وتم تنفيذه على شكل مربع طول ضلعه (77) متراً كما يشتمل على جزء داخلي مكشوف مساحته (1000) متر مربع وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمسجد الآن أكثر من (5000) مصلي، ومما يجدر ذكره هنا أن المساحة الكلية للمشروع بمكوناته وهي المسجد والملحقات التابعة له والخدمات المساندة والساحات المحيطة به تبلغ (90) ألف متراً مربعاً منها (26) ألف متراً مربعاً للمسجد وملحقاته و(64) ألف متراً مربعاً مساحة الطرق والأرصفة والمواقف والخدمات ويتكون المسجد من سلسلة صفوف من الأروقة مرتبة على التوالي ومحمولة على أعمدة ضخمة وتغطي هذه الأروقة قباب طولية وارتفاع هذه الأروقة (16) متراً من مستو الأرض، ويضم هذا المشروع وحدات يتميز بها كونه أحد المواقيت وهي وحدات خاصة للإحرام والوضوء ودورات المياه والتي تتكون من مجموعتين مساحة كل مجموعة (3900) متراً مربعاً بطول (130) متراً وعرض (30) متراً وتضم (512) حماماً و(384) غرفة ملابس خصص جزء منها للسيدات إضافة إلى (566) دشا للاستحمام كما تم تخصيص جزء من هذه الوحدات للعجزة والمسنين زودت بمكونات خاصة، وأشتمل المشروع على مواقف للحافلات تستوعب (80) حافلة كبيرة في آن معاً و(20) حافلة صغيرة ومواقف للسيارات الصغيرة. مسجد القبلتين يعتبر مسجد القبلتين من المساجد المعروفة والمتميزة بشهرة تاريخية حيث إن هذا المسجد شهد في الثاني من سهر شعبان من العام الثاني من الهجرة تحويل القبلة في الصلاة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة بمكة المكرمة وقد أكسب هذا التغيير للمسجد أسمه (مسجد القبلتين) وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الحدث في قول الحق سبحانه وتعالي (وقد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام)، وكانت عمارة هذا المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر واللبن وجذوع النخيل والجريد وقد جدد بناء هذا المسجد في عهد عمر بن عبدالعزيز وشهد العديد من أعمال التوسعة على مر العصور. وفي العهد السعودي الزاهر شهد هذا المسجد اهتماما كبيرا حيث بادر الملك عبدالعزيز رحمه الله وأمر بتجديد عمارته وتوسعته وجعل له مئذنة وكان بطول تسعة أمتار وعرض أربعة أمتار ونصف كما حظي المسجد باهتمامات من خادم الحرمين الشريفين رحمه الله الذي أعاد عمارته بحلة جديدة مع توسعته بمقدار تسعة مرات حيث كانت مساحته (425) متراً مربعا قبل التوسعة لتصبح مساحته (3920) متراً مربعاً ويشتمل المسجد بعد التوسعة على قاعة للصلاة مساحتها (1190) متراً مربعا تتسع لأكثر من (2000) مصلى إضافة إلى جزء مخصص للسيدات مساحته (400) متر مربع إضافة إلى الخدمات المساندة مثل دورات المياه والمواقف المخصصة للسيارات.