زرت في منتصف شهر شعبان المنصرم الملحقية الثقافية السعودية بالمملكة المغربية الشقيقة في عاصمتها الرباط، بدعوة كريمة من الملحق الثقافي الأستاذ والإعلامي ناصر البراق في مقرها الجديد والجميل وفي أحدث الأحياء وعلى شارع المهدي ابن بركة وبجوار معهد القضاء العالي.. .. وسبق أن زرت المكتب في مقره السابق في وسط المدينة وفي شقة متواضعة وذلك قبل 35 عاماً إبان إقامة الأسبوع الثقافي السعودي بالمغرب عام 1396ه -1976م. وفي عهد الملحق السابق محمد العبدالسلام -رحمه الله- إذ زرنا معه كثيراً من المؤسسات العلمية والثقافية وكثيراً من الشخصيات المسؤولة بالمغرب وتنفيذ فاعليات الأسبوع في المدن الرئيسة: الرباطوالدارالبيضاء وفاس وطنجة ومراكش وغيرها. والآن وبعد هذه السنوات الطويلة أجد الملحقية وما تحويه وما تقدمه من خدمات ثقافية عامة وبشكل مشرف، فالمبنى بشكله الجميل وباتساعه وموقعه اللائق تحفة معمارية .. وبمجرد الدخول إلى المبنى تجد على يمينك جناحاً للمكفوفين يشتمل على كتبهم ودورياتهم بطريقة برايل، وعن يسارك صالة تزين جدرانها صور لمعالم جامعات المملكة ومؤسساتها العلمية وعلى يسارك صالة أخرى تحوي صوراً ناطقة لمشروع توسعة الحرمين الشريفين، وفي وسط المبنى الصالة الرئيسة الكبرى وهي تضم المكتبة العامة بتنسيق جميل وتوزيع لأقسامها المختلفة، وعرفت أنها تضم ما لا يقل عن 90000 عنوان خلاف الدوريات العربية والمغربية والسعودية بشكل خاص، وفي الوسط تتوزع طاولات المطالعة للباحثين والدارسين من مختلف الفئات من الجنسين، وبالرغم من أن الوقت عطلة دراسية إلا أنني وجدت عدداً من الباحثين في قاعة المطالعة والبحث. وعرفت فيما بعد أن المكتبة تستقبل يومياً ما لا يقل عن خمسين باحثاً، مع وجود عدد من العاملين المؤهلين والمتعاملين مع الرواد بشكل حضاري، وكنت بالمناسبة أحمل معي شيئاً من أعمالي المتواضعة لإضافتها إلى ما تحتوي عليه من أوعية ثقافية وقد وجدت بالمكتبة شيئاً منها. لقد شعرت بالسعادة لما آلت إليه الملحقية الثقافية كمصدر للإشعاع الفكري والثقافي السعودي على ضفاف الأطلسي، كما أكد لي الأستاذ ناصر الذي باركت له هذه النجاحات أنه لولا دعم وزير التعليم العالي للملحقية لما تحقق هذا النجاح. لقد سررت بإشادة عدد من المثقفين المغاربة الذين قابلتهم على هامش مهرجان أصيلة بمشاركة المملكة العربية السعودية من خلال جناح وزارة التعليم العالي بمعرض الدارالبيضاء الدولي للكتاب فبراير الماضي، من نشاط ثقافي منوع سواء من حيث العرض أو من ناحية البرامج الثقافية المنبرية من محاضرات وأمسيات شعرية وندوات وأتمنى في العام القادم أن تتسع، لتشمل معارض فنية وحفلات موسيقية وعروضاً مسرحية قدر الإمكان. وقد علمت بأن المكتب مؤخراً دشن صالوناً ثقافياً شهرياً مسائياً يحاضر به بعض الأدباء والمفكرين السعوديين والمغاربة والعرب بغية توثيق العلاقة ودوام التواصل بين مثقفي المملكتين. وهنا لابد من إزجاء الشكر العميق لمعالي الدكتور خالد العنقري وزير التعليم العالي على استعانته بالكوادر الشابة في إدارة الملحقيات الثقافية في الخارج لما يتحلون به من حماس ونشاط لإبراز الجانب المضيء في المشهد الثقافي والتعليمي في المملكة. ولكن ما أتمناه من الوزارة هو استمرار تفعيلها وإقامتها للأسابيع العلمية والثقافية السعودية في رحاب الجامعات المغربية.. التي سبق أن أقيم بعضها في دول أخرى، خصوصاً وأن لديها في مدينة (إفران) جامعة مشتركة تحمل اسم (الأخوين). إضافة إلى المشاركة في مهرجان أصيلة الثقافي السنوي الذي زرته لعامين متتاليين وكان ضيوف الشرف دولة الإمارات العربية في العام الماضي وهذا العام دولة الكويت، فليت المملكة تكون هي ضيف العام القادم وقد وجهت هذا السؤال إلى معالي الأستاذ محمد بن عيسى أمين عام المهرجان ورحب بالفكرة وقال إنني أتطلع لطلبكم هذا.. خصوصاً وقد قامت مكتبة ضخمة في (أصيلة) تحمل اسم مكتبة الأمير بندر بن سلطان.