القرآن سُمي قرآناً لأنه قُرنت فيه علوم الكتب السابقة فهو خلاصة الخلاصة من تلك الكتب: مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ والآية سميت آية لأنها علامة ودلالة.. فهي يجب أن تكون لنا بمثابة العلامة والدلالة التي نهتدي بها!! أما السورة فسميت سورة من السور وهو الحائط المرتفع فهي تحبط بقارئها والعامل بها بالحفظ والحماية كإحاطة السور؟! وتلك معجزة القرآن شاهدة يفنى الزمان ولا تفنى مزاياه كلامه الشهد في آذان سامعه وقوله الفصل ما في ذاك أشباه كم من قلوب شفاها وهي غافلة كم من عيون جلالها وهي تاباه؟ والعلماء يقولون العِبرة بتدبر القرآن سواء استمع له سماعا كما قال صلى الله عليه وسلم: إني أحب أن أسمعه من غيري فلما سمعه ذرفت عيناه بالدموع!! أو تلاه تلاوة، حفظياً أو من المصحف، المهم والعبرة بالتدبير، والتأثّر!! بل قال ابن باز رحمه الله إذا كان سماعه للقرآن أكثر تدبراً، فسماعه له أكثر أجراً من قراءته.. لأن التدبّر هو اللب وهو المقصود، وقال العلماء بوجوبه، أخذاً بقوله: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ.. ولك أن تتصور أن الفاروق (عمر) رضي الله عنه مكث في سورة البقرة لوحدها (ثمان سنوات) لأنه لا يتجاوز عشر آيات حتى يعلم ما فيها من العلم والعمل. لذا كانت سيرته عجباً من العجب. فرحم الله ذلك الرعيل الأول، والجيل الأكمل!! إن القرآن الكريم هو مادة الله ومأدُبته. مادة ألقت عليها البلاغة جلبابها ودثرت به الفصاحة نطاقها. كتاب مجيد، عظيم، لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ .. لذا فإن قراءة جزء يسير من القرآن بتدبير ووعي ومعرفة لمعانيه ومغازيه أهم من قراءة جزء كامل وهو يسرده سرداً لا يعرف معانيه!! قال ابن مسعود رضي الله عنه (لا تهذّوا القرآن هذّاً كهذّ الشعر، بل قفوا عند عجائبه وحرّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدهم آخر السورة!!) وانظر إلى أسطورة القرآن والبيان عبد الباسط رحمه الله كيف يتلو القرآن؟ لذا أهيب بكل قارئ أن يختار له أحد التفاسير المختصرة، فما غَمَض عليه يرجع للتفسير، لتتم الفائدة، ويحصل المقصود.. أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا وأنصح بتفسير الشوكاني الجامع بين فنّي الرواية والدراية، ولا يفسر القرآن برأيه فيقع في المهلكة!! ذُكر أن عجوزاً توفي زوجها فوجدوها داخل بركة ماء.. فلما طال عليها الأمد، سألوها عن ذلك فقالت، أنا أُطبق القرآن الذي يقول الله فيه {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ} فأنا متربصة في الماء!! فلا بد من أخذ التفسير من مصادره الموثوقة، حتى لا نقع في ما يقع فيه أخونا معمر القذافي الذي بدأ يفسر القرآن، ولكنه فسّد القرآن!! وفرْق بين هذا وذاك!!! إذا ما لم يفدك العلم خيراً فليتك ثم ليتك ما علمت!!! والسلام عليكم. [email protected]