ها هو ذا، دخل الشهر الكريم، والذي فيه تصفد الشياطين، (شياطين الجن طبعاً) ولكن من يصفّد عنا شياطين الإنس (بعض التجار)، الذين لا همّ لهم إلا استنزاف المواطنين بموجة الغلاء الخاصة بشهر رمضان. * نقول للتجار: رمضان كريم، ولا نطلب منكم كرماً بل عدلاً وإنصافاً. * كنا نسمع من أجدادنا عبارات رسخت في عقولنا، بل أصبحت منهاجاً نؤمن به ونتقلده، يقولون إن ربح التاجر أكثر من النصف لا يجوز، يعني إن اشترى سلعة بعشرة ريالات يجوز له أن يبيعها بحد أقصى للربح، يعني تصبح بخمسة عشر ريالاً، فيربح خمسة ريالات هذا الحد الأقصى للربح ولا يجوز أبداً بيعها بستة عشر ريالاً في عرف أهلنا، ولا أفتي هنا بحكم شرعي، لكن ما نراه الآن شيء خارق لكل الأعراف والعادات والتقاليد، حيث أرباح بعض السلع تصبح أضعافاً مضاعفة، غشاً وتلاعباً علنياً، لا أعلم! أهم يستغفلون الناس؟ أم يحسبون أن لا شخص رشيد بين هؤلاء المستهلكين، أم أنهم يرون شهر رمضان فرصة كما سمعت للتخلص من السلع المغشوشة وتصريف الراكد منها. * قد يكون الغش في أسعار الملابس أو قطع الأثاث (على مرارته) أرحم وأهون من الغش والتلاعب بأسعار المواد الغذائية. الكماليات نستغني عنها، لكن ماذا نفعل بقوت أبنائنا، حليب أطفالنا، قهوة شيباننا؟ وقد أصبحت أسعارها في قبضة فئة الذين يحبون المال حباً جماً. * الكل ينادي ويصرخ: أين وزارة التجارة؟ أين حماية المستهلك ومكافحة الغش؟ على اعتبار أن الرقابة الذاتية (رحمها الله) انتهت على غير رجعة. * لا بد من ثورة على الغش بكافة أنواعه، حيث لا يضيع حق وراءه مطالب، فها هي تنكست أعلام، وتهاوت عروش رؤساء وحكام جرّاء ثورات ترفض الذل والهوان، وليس أكثر ذلاً من أن يحتاج أبناؤك لمواد تموينية أساسية ولا تستطيع توفيرها بسبب جشع وطمع بعض التجار. * الكل يشجب ويستنكر، وها نحن نكتب، لعلنا نوقظ ثورة ضمائرهم، التي غشاها، بل استقر فيها الطمع والاحتكار وحب الدنيا وتكديس الأموال، ذلك أن الثورة أوسع ما تكون، كما قال العقاد (إذا نشبت في داخل النفس الإنسانية، وكانت القوة الثائرة والقوة المتغلبة فيها مملكة واحدة: هي مملكة الضمير). آخر الكلام قال تعالى {الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ}.