لم أستوعب الخبر عندما وصلني في بداية الأمر، دائماً لا نستوعب رحيل أهل الخير عنا بهذه السهولة، وكلّما زاد خير الإنسان ومحبته في نفوس من يعرفه، زاد عدم الاستيعاب لفراقه، لكنه قضاء الله ولا رادّ لقضائه، ولا نملك إلاّ أن نقول ما قاله رسولنا الكريم: (اللهم آجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيراً منها)، وصاحبة السمو الأميرة سلطانة بنت تركي بن أحمد السديري من أهل الخير والعطاء، هكذا نحسبها ولا نزكّي على الله أحداً، ومن شاهد الوفود التي تقاطرت لتقديم العزاء فيها رحمها الله، سيدرك تماماً كم كان لها من الأثر الخيِّر الذي سيحفظ ذكرها طويلاً عند كلّ من ساهمت في تخفيف حزنه، أو تجفيف دمعته، فقد كانت رحمها الله قلباً نابضاً بالخير والعطاء والرحمة، ومثالاً للتواضع والإحسان، نهلت رحمها الله من مدرسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز الحكمة والرحمة والإحسان، وعلّمت أبناءها الاعتماد على النفس والثقة بها لا الغرور، كيف لا وهي والدة أول رائد فضاء عربي مسلم، وسلطانة الضعفاء والمساكين، التي لم يثنها المرض عن مد يد الخير لكل محتاج، ومساعدة كل مسكين يصل إلى باب عطائها اللامحدود، محتسبة الأجر صابرة على ما أصابها، إلى أن تولاّها الله برحمته في أول ليلةٍ من شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، رحمها الله وأبناءها وغفر لهم وأعتقهم من النار.